وأعيادهم من ذلك، ألا ترى قوله - عليه السلام -: " هذا عيدنا "، وفيه دليل على إظهار السرور وأسبابه فى الأعياد.
وأما تسجية النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثوبه فى هذا الحديث وتحويله وجهه عنهن فى الحديث الآخر - فإعراض عن هذا اللهو، إذ لم يكن منه ولا من سببه، وإن كان عنده مباحًا (١) لهؤلاء، كما قال:" لسْتُ من دَدٍ، ولا دَدٌ منى "(٢)، وكذلك يكره فعله وحضوره - وإن كان مباحًا - لأهل الفضل والمروات ومن يقتدى به، وقد قال تعالى:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ}(٣)، أو لا ترى كيفَ كان إنكارُ أبى بكر أن يكونَ ذلك بمحضر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما إنكاره فلشبه عنده بالمنهى عنه من الغناء المنكر. [وفيه فتوى المتعلم بحضرة مُعَلِّمِهِ مما يعرف من مذهبه وعلمه، وإنكاره المنكر](٤) بحضرته. ومعنى " تقاولت " أى قاله بعضهم لبعض فى تلك الحرب.
ويوم بعاث يوم معلوم كان بين الخزرج والأوس، كان الظهور فيه للأوس، ضبطناه هنا بالعين المهملة، وهو قول الأكثر من اللغويين، وقال أبو عبيدة: يقال فيه " بغاث "
(١) فى الأصل: مباح، وهو خطأ. (٢) الطبرانى فى الكبير عن معاوية ١٩/ ٣٤٤ والبيهقى عن أنس بن مالك مرفوعاً، قال البيهقى: قال على بن المدينى: سألت أبا عبيدة صاحب العربية عن هذا فقال: يقول: لست من الباطل ولا الباطل منى، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: الدَّدُ هو: اللعب واللهو، ١٠/ ٢١٧. وأخرجه البخارى فى الأدب المفرد عن أنس بلفظ: " ولا الدَّدُّ منى بشىء " قال: يعنى ليس الباطل منى بشى ٢/ ٢٥٧. والحديث فى جميع طرقه يدور على يحيى بن محمد بن قيس البصرى، لا يتابع على حديثه، وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من غير تعمّد. راجع: العقيلى فى الضعفاء ٤/ ٤٢٧. وقال الحافظ: محمد بن إسماعيل الجعفرى، قال أبو حاتم: منكر الحديث، يتكلمون فيه، وقال أبو نعيم: متروك. تهذيب ٣/ ١١٣. (٣) القصص: ٥٥. (٤) سقط من س.