وجه الاستدلال: قول النبي ﷺ: «وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ، وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ» يدل على وجوب طاعتهما في الطلاق وأن عدم طاعتهما عقوق.
الرد: لا يدل على وجوب طاعة الأبوين مطلقًا في طلاق الزوجة؛ لأنَّ في ذلك ضررًا عليه من غير مصلحة لهما ولو طلباه من ماله ما يضر به لم يجب إعطاؤهما ولا يعد الابن عاقًا بذلك فكذلك طلاق الزوجة وهكذا فهم ابن عباس وأبو ذر ﵃ أنَّ إجابة الوالدين في طلاق الزوجة ليس من البر وتركه ليس من العقوق ولم يأمر ابن عباس وأبو الدرداء ﵃ المستفتي بطلاق زوجته لإرضاء أبويه.
فعن أبي طلحة الأسدي قال: كنت جالسًا عند ابن عباس ﵄ فأتاه أعرابيان فاكتنفاه فقال أحدهما: إنَّي كنت أبغي إبلًا لي فنزلت بقوم فأعجبتني فتاة لهم فتزوجتها فحلف أبواي أن لا يضماها أبدًا وحلف الفتى فقال: عليه ألف محرر وألف هدية وألف بدنة إن طلقها فقال ابن عباس ﵄: «مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَتَكَ، وَلَا أَنْ تَعُقَّ وَالِدَيْكَ» قال: فما اصنع بهذه المرأة؟ قال:«ابْرِرْ وَالِدَيْكَ»(١).
وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كان فينا رجل لم تزل به أمه أن يتزوج حتى تزوج ثم أمرته أن يفارقها فرحل إلى أبي الدرداء ﵁ بالشام فقال: إنَّ أمي لم تزل بي حتى تزوجت ثم أمرتني أن أفارق قال: مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُفَارِقَ وَمَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ
(١) رواه ابن أبي شيبة (١٩٠٥٩) قال: نا جرير عن الركين عن أبي طلحة الأسدي قال: فذكره إسناده يحتمل التحسين. أبو طلحة الأسدي ذكره ابن حبان في ثقاته وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا وكذلك في ترجمته في التهذيب وقال الذهبي في الكاشف: صدوق وقال الحافظ في التقريب: مقبول. وبقية رجاله ثقات. وجرير هو ابن حميد والركين هو ابن الربيع.