إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض تعلق بالطلاق أمران الأول الحكم التكليفي وتقدم الكلام على تحريم طلاق الحائض الثاني الحكم الوضعي وهو هل يقع طلاق الحائض أم لا؟.
فهذه المسألة من أصعب مسائل الطلاق إن لم تكن أصعب مسألة فيه فهي من المسائل الكبار التي وقع خلاف العلماء المتأخرين وترددت أقوالهم فيها فتارة نجد عالمًا يرجح القول بوقوع طلاق الحائض ثم يتغير اجتهاده قال الصنعاني: كنَّا نفتي بعدم الوقوع وكتبنا فيه رسالة وتوقفنا مدة ثم رأينا وقوعه … ثم إنَّه قوي عندي ما كنت أفتي به أولًا من عدم الوقوع لأدلة قوية سقتها في رسالة سميناها الدليل الشرعي في عدم وقوع الطلاق البدعي (١). وكذلك سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز كان يفتي بوقوع طلاق الحائض ثم رجع عن هذا القول وأفتى بعدم الوقوع (٢).
وحينما تكلم ابن القيم على المسألة ختم كلامه بقوله: هذا منتهى أقدام الطائفتين في هذه المسألة الضيقة المعترك، الوعرة المسلك التي يتجاذب أعنة أدلتها الفرسان، وتتضاءل لدى صولتها شجاعة الشجعان، وإنَّما نبهنا على مأخذها وأدلتها ليعلم الغر الذي بضاعته من العلم مزجاة، أنَّ هناك شيئًا آخر وراء ما عنده، وأنَّه إذا كان ممن قصر في العلم باعه،
(١) «سبل السلام» (٣/ ٣٥٩). قال الشوكاني في «نيل الأوطار» (٦/ ٢٢٦) عدم وقوع البدعي … الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير ألف فيها رسالة طويلة في مقدار كراستين في القطع الكامل، وقد جمعت فيها رسالة مختصرة مشتملة على الفوائد المذكورة في غيرها. قال أبو عبد الرحمن: لم أقف على هاتين الرسالتين. (٢) انظر: «مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز» (٢١/ ٢٨٠).