اختلف أهل العلم في حكم طلاق من وطئها زوجها في دبرها وهي طاهر على قولين التحريم والجواز:
القول الأول: يحرم طلاقها: وهو مذهب الأحناف (١) والشافعية (٢) - وينصون على أنَّه طلاق بدعي - والحنابلة (٣)، والذي يظهر لي أنَّ المالكية يقولون به (٤).
الدليل الأول: عن سالم أن عبد الله بن عمر ﵄ أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر عمر ﵁ لرسول الله ﷺ فتغيظ فيه رسول الله ﷺ ثم قال: «لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ العِدَّةُ كَمَا أَمَرَ اللهُ ﷿»(٥).
وجه الاستدلال: نهى النبي ﷺ عن طلاق الممسوسة.
الرد: المراد بهذا المس الشرعي وهو الوطء في القبل وليس الدبر، والله أعلم.
(١) قال ابن نجيم في «الأشباه والنظائر» (ص: ٣٣٤): الوطء في الدبر كالوطء في القبل فيجب به الغسل ويحرم به ما يحرم بالوطء في القبل ويفسد الصوم به اتفاقًا. (٢) انظر: «نهاية المحتاج» (٧/ ٣)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢٦٤)، و «حاشية عميرة» (٣/ ٥٢٥). (٣) قال ابن مفلح في «الفروع» (٥/ ٣٧١) في «الترغيب»: تحملها ماءه في معنى وطء، قال: وكذا وطؤها في غير قبل، لوجوب العدة. وانظر: «الإنصاف» (٨/ ٤٥٠). (٤) المالكية يجعلون الوطء في الدبر جماعًا ويعطونه أحكام الجماع في القبل في الجملة. قال في «المدونة» (٤/ ٥١٨) من جامع في الدبر فقد حنث؛ لأنَّ مالكًا جعله جماعًا. وقال القرافي في «الذخيرة» (٤/ ١٩٦): في الجواهر الوطء في الدبر كالوطء في القبل في إفساد العبادات وإيجاب الغسل من الجانبين ووجوب الكفارة والحد والعدة وحرمة المصاهرة دون التحليل والإحصان واختلف في تكميل الصداق به. (٥) رواه البخاري (٤٩٠٨)، ومسلم (١٤٧١).