للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول

الفرقة المباحة

إذا طلبت المرأة من زوجها الفرقة بطلاق أو غيره فلا يخلو الأمر من حالين أن يكون طلب الفرقة لحاجة أو لغير حاجة.

فالفرقة المباحة هي التي للحاجة وأجمع أهل العلم في الجملة على جواز طلب المرأة مفارقة الرجل للحاجة بعوض أو بغيره (١).

ومن الحاجة المسوغة لطلب الزوجة الفرقة:

١ - عند الشقاق أو عند خوف تقصير الزوجة في حق الزوج (٢).


(١) قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٦/ ٧٦): أجمع الجمهور منهم أنَّ الخلع والفدية والصلح أنَّ كل ذلك جائز بين الزوجين في قطع العصمة بينهما وأنَّ كل ما أعطته على ذلك حلال له إذا كان مقدار الصداق فما دونه وكان ذلك من غير إضرار منه بها ولا إساءة إليها إلا بكر بن عبد الله المزني فإنَّه شذ فقال لا يحل له أن يأخذ منها شيئًا على حال من الأحوال وزعم أنَّ قوله ﷿: [فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ] (البقرة: ٢٢٩) منسوخ بقوله ﷿: [وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا] (النساء: ٢٠) إلى قوله: [مِيثَاقًا غَلِيظًا] (النساء: ٢١) وهذا خلاف السنة الثابتة في أمر رسول الله ثابت بن قيس بن شماس أن يأخذ من زوجته ما أعطاها ويخلي سبيلها ولا ينبغي لعالم أن يجعل شيئًا من القرآن منسوخًا إلا بتدافع يمنع من استعماله وتخصيصه وإذا جهل قوله ﷿: [فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ] (البقرة: ٢٢٩) أن يرضى منهما وجعل قوله ﷿: [فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا] (النساء: ٢٠) على أنَّه بغير رضاها وعلى كره منها وإضرار بها صح استعمال الآيتين وقد بينت السنة في ذلك قصة ثابت بن قيس وامرأته وعليه جماعة العلماء إلا من شذ عنهم ممن هو محجوج بهم وهم حجة عليه لأنَّهم لا يجوز عليهم الإطباق والاجتماع على تحريف الكتاب وجهل تأويله وينفرد بغير ذلك واحد غيرهم.
(٢) انظر: «روضة الطالبين» (٧/ ٣٧٤)، والحاوي (١٠/ ٥)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢٤١).

<<  <   >  >>