أنَّها واحدة وإنَّما اختلفوا في غير المدخول بها وهذه مسألة أخرى يأتي الكلام (١) عليها إن شاء الله، والله أعلم.
قال أبو بكر بن العربي: اتفق علماء الإسلام وأرباب الحل والعقد في الأحكام على أنَّ الطلاق الثلاث في كلمة … لازم … وإجماع الأمة ولم يعرف لها في هذه المسألة خلاف إلا عن قوم انحطوا عن رتبة التابعين وقد سبق العصران الكريمان والاتفاق على لزوم الثلاث فإن رووا ذلك عن أحد منهم فلا تقبلوا منهم إلا ما يقبلون منكم نقل العدل عن العدل ولا تجد هذه المسألة منسوبة إلى أحد من السلف أبدًا (٢).
وتقدم قول ابن رجب: لم يثبت عن أحد من الصحابة- ﵃ ولا من التابعين ولا من أئمة السلف المعتد بقولهم في الفتاوى في الحلال والحرام شيء صريح في أنَّ الطلاق الثلاث بعد الدخول واحدة إذا سيق بلفظ واحد.
وقول حبيب أحمد الكيرانوي: لم يثبت عن واحد من الصحابة ﵃ والتابعين أنَّه جعل الثلاث واحدًا على الإطلاق.
[المنقول عن أتباع التابعين]
أولًا: محمد بن إسحاق: قال الإمام أحمد: كان هذا مذهب ابن إسحاق يقول: خالف السنة فيرد إلى السنة (٣).
(١) انظر: (ص: ٧٥٥). (٢) انظر: «تهذيب السنن» (٣/ ١٢٨ - ١٢٩)، و «أضواء البيان» (١/ ١٦٧). (٣) رواه الإمام أحمد - انظر: «إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان» (١/ ٣٢٤) - حدثنا سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس- ﵄: أنَّ ركانة طلق امرأته ﵄ ثلاثًا، فجعلها النبي ﷺ واحدة. قال أبو عبد الله: وكان هذا مذهب ابن إسحاق يقول: خالف السنة فيرد إلى السنة. وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٦/ ٩): قال ابن إسحاق فأرى أنَّ النبي ﷺ إنَّما رد عليه امرأته لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِدْعَةً مُخَالِفَةً لِلسُّنَّةِ، وسند الإمام أحمد إلى ابن إسحاق صحيح، وإبراهيم هو ابن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ﵁.