عظمُ القول على الله بغير علم بالحكم أو الفتوى لا يخفى على أحد فتواترت النصوص بذمه ووعيد فاعله فهو افتيات على الخالق ﵎:[أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ](الشورى: ٢١) ونسبة ما لم يشرعه الله إلى حكمه وشرعه كذب عليه [وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ](النحل: ١١٦) وفاعل ذلك متعرض للعقوبة وإن كان جاهلًا فعن بريدة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ: فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ»(١) ويكون الخطأ أعظم إذا كان الأمر يتعلق بالفروج فقد اشترط الشارع لعقدها وحلِّها شروطًا لم يشترطها لغيرها من العقود ورتب العقوبة الدنيوية والأخروية على من انحرف من الزوجين عن ما شرعه الله ومن قدح في الزوجين بغير بينة شرعية ولا زال من السلف والخلف من يتحرج في الخوض في أحكام الطلاق قال صالح بن الإمام أحمد: كان سفيان إذا سئل عن شيء من الحيض أو المناسك يقول لا حرج لا حرج وإذا سئل عن شيء من الطلاق يقول من يحسن هذا من يحسن هذا (٢) ولابن عيينة أسوة في بعض أصحاب النبي ﷺ فعن معاوية بن أبي عياش الأنصاري أنَّه كان جالسًا مع عبد الله بن الزبير- ﵄ وعاصم بن عمر بن الخطاب، قال فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إنَّ رجلًا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها، فماذا تريان؟ فقال عبد الله بن الزبير ﵄ «إنَّ هذا الأمر ما لنا فيه قول، فاذهب إلى عبد الله بن عباس وأبي هريرة ﵄ فإنِّي تركتهما عند عائشة ﵄،
(١) رواه الترمذي (١٣٢٢) وغيره بإسناد حسن. انظر: «غاية المقتصدين شرح منهج السالكين» (٣/ ٤٨٩). (٢) «مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح» (١٧٤).