للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: الروايات التي فيها أنَّه طلقها ثلاثًا رواها:

١ - محمد بن سيرين قال: «طَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُعَبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ» (١).

وجه الاستدلال: لم ينكر الصحابة على عبد الرحمن بن عوف ولو كانت الثلاث محرمة لأنكروا عليه (٢).

الرد: هذه الرواية مرسلة تخالف الروايات الصحيحة المتصلة التي فيها أنَّه طلقها واحدة.

٢ - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنَّه ذكر عنده أنَّ الطلاق الثلاث بمرة مكروه فقال: «طَلَّقَ حَفْصُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُغِيرَةِ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا، فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ عَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَطَلَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ» (٣).


(١) رواه ابن أبي شيبة (٥/ ١١): نا أبو أسامة، عن هشام، قال: سئل محمد عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا في مقعد واحد، قال: «لَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ بَأْسًا» فذكره مرسل رواته ثقات.
ابن سيرين لم يدرك عبد الرحمن بن عوف وحين قتل عثمان في المدينة كان غير مميز في البصرة.
(٢) انظر: «الأوسط» (٩/ ١٤٣)، و «الحاوي» (١٠/ ١٢٠).
(٣) قال الدارقطني (٤/ ١٠): حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل أخبرنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه، حدثنا نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، عن محمد بن راشد أخبرنا سلمة بن أبي سلمة، عن أبيه أنَّه ذكر عنده أنَّ الطلاق الثلاث بمرة مكروه فذكره.
ورواه البيهقي (٧/ ٣٢٩) أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا على بن عمر الحافظ به.
ورواه الدارقطني (٤/ ١١) ثنا أبو أحمد محمد بن إبراهيم الجرجاني، نا عمران بن موسى بن مجاشع السختياني، نا شيبان بن فروخ، نا محمد بن راشد، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، أنَّ عبد الرحمن بن عوف «طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تُمَاضِرَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ الْكَلْبِيَّةَ وَهِيَ أُمُّ أَبِي سَلَمَةَ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ عَابَ ذَلِكَ».
الأثر مداره على محمد بن راشد الخزاعي قال ابن المبارك: صدوق اللسان وأراه اتهم بالقدر، وقال أحمد عن أبي النضر، عن شعبة أما أنَّه صدوق ولكنه شيعي أو قدري شك أحمد وثقه الإمام أحمد وابن معين والنسائي، وقال إبراهيم الجوزجاني: كان مشتملًا على غير بدعة وكان فيما سمعت متحرياُ للصدق في حديثه، وقال أبو حاتم كان صدوقًا حسن الحديث، وقال ابن حبان: كان من أهل الورع والنسك ولم يكن الحديث من صنعته وكثر المناكير في روايته استحق الترك، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال الساجي: صدوق إنَّما تكلموا فيه لموضع القدر لا غير، وقال بن خراش: ضعيف الحديث، وسلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال أبو حاتم: لا بأس به، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في ثقاته، ورواية أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه مرسلة لم يسمع منه لكن المطلقة أمه فلو كانت العلة هذه لم تمنع من تصحيح الأثر لاحتمال أنَّه سمعه من أمه .
فهذا الأثر في أحسن الأحوال شاذ إن لم يكن منكرًا في طلاق عبد الرحمن بن عوف ثلاث تطليقات لكن يثبت به مذهب أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف في جواز الثلاث، والله أعلم.
وضعف الأثر ابن التركماني في «الجوهر النقي» (٧/ ٣٣٠).

<<  <   >  >>