وليس الحرص على عدم تشتت الأسر ولم شمل الأولاد يبيح اختيار قول يعتقد الشخص أنَّه مرجوح فالمفتي والقاضي عملها التبليغ عن الله لا التشريع فلسنا أرحم بالخلق من خالقهم.
والاختيار من الأقوال تشهيًا خلاف أمر الله ﷿] فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [(النساء: ٥٩) وهذا محل إجماع قال سليمان التيمي لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله. قال ابن عبد البر معقبًا على قوله. هذا إجماع لا أعلم فيه خلافًا (١).
وقال ابن حجر الهيتمي: في زوائد الروضة لا يجوز للمفتي والعامل أن يفتي أو يعمل بما شاء من القولين أو الوجهين من غير نظر قال وهذا لا خلاف فيه وسبقه إلى حكاية الإجماع فيهما ابن الصلاح والباجي من المالكية (٢).
فالواجب هو حمل الناس على الحق والبحث عن مخرج لأخطائهم لا يعالج الخطأ بل يزيده ففي حديث البراء بن عازب ﵁ قال:«مر على النبي ﷺ بيهودي مُحَمَّمًا مجلودًا فدعاهم ﷺ فقال: هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ قَالَ لَا وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُهُ الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ قُلْنَا تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ»(٣) ولا زال الفجور فيهم في ازدياد.