الرد الثاني: أفتى الصحابة ﵃ بوقوع الثلاث مجموعة وكذلك التابعون.
الثاني: هذه المسألة من المسائل المشكلة وسبب الإشكال حديث طاوس عن ابن عباس-﵄ قال: كان الطلاق على عهد رسول الله ﷺ، وأبي بكر ﵁، وسنين من خلافة عمر ﵁، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر-﵁:«إِنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ» فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ فظاهر الحديث مشكل ومثل هذا الإشكال وارد عند السلف فعن ابن سيرين، قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهم أنَّ ابن عمر- ﵄ طلق امرأته ثلاثًا وهي حائض، فأمر أن يراجعها، فجعلت لا أتهمهم، ولا أعرف الحديث، حتى لقيت أبا غلاب يونس بن جبير الباهلي، وكان ذا ثبت، فحدثني أنَّه سأل ابن عمر- ﵄، فحدثه «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَهِيَ حَائِضٌ، فَأُمِرَ أَنْ يَرْجِعَهَا»(١) فأشكل الأمر على محمد بن سيرين كيف يطلق ابن عمر ﵄ زوجته ثلاثًا ويأمره النبي ﷺ بمراجعتها فالمخبر ثقة والخبر يعارض القرآن بأنَّ المطلقة ثلاثًا لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجًا غيره فوقع ابن سيرين بين إشكالين حتى تبين له خطأ الثقة وأنَّ طلاق ابن عمر-﵄ لزوجته واحدة وليس ثلاثًا فبعض الأحيان يتبين للإنسان ما يرفع عنه الإشكال ويتبين له خطأ الثقة وفي بعض الأحيان يبقى الإشكال كما هو في حديث ابن عباس ﵄ وقد قال بأنَّ الثلاث واحدة علماء ربانيون من السلف والخلف فقال به من المتقدمين شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه ابن القيم ومن المتأخرين فقيها العصر ابن باز وشيخنا ابن عثيمين وقد تعلمنا منهم البحث عن الحق والقول به وتلمس العذر للمخالف وعدم التشنيع عليه فهو مأجور على اجتهاده ورحم الله ابن المبرد حينما نقل ما قيل في مسألة الطلاق الثلاث ثم ختم كتابه بقوله: فليختر العاقل