الدليل التاسع: وقوع الطلاق من الصحابة ﵃ من غير حاجة:
١ - طلق ابن عمر ﵄ امرأة له، فقالت له:«هَلْ رَأَيْتَ مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَفِيمَ تُطَلَّقُ الْمَرْأَةُ الْعَفِيفَةُ الْمُسْلِمَةُ؟ قَالَ: «فَارْتَجَعَهَا»(١).
الرد: يحمل طلاق ابن عمر ﵄ على الحاجة فلا يلزم كونه لم ير منها ما يكرهه أن يكون طلاقًا من غير حاجة فقد يكون يكرهها أو غير ذلك، والله أعلم.
٢ - اشتهر كثرة الطلاق عن بعض الصحابة ﵃(٢) فقد اشتهر أنَّ الحسن بن علي ﵄ كثير الطلاق (٣) ومثله المغيرة بن شعبة ﵁(٤).
(١) قال سعيد بن منصور (١٠٩٩) نا سفيان، عن عمرو بن دينار، قال طلق ابن عمر ﵄ فذكره إسناده صحيح. (٢) انظر: «المبسوط» (٦/ ٤)، و «البحر الرائق» (٣/ ٤١٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٤٢٨). (٣) من المروي في كثرة طلاق الحسن بن علي ﵄ ما رواه: ١ - ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١٣/ ٢٤٩) بإسناده إلى حاتم بن إسماعيل - واللفظ له - ورواه ابن أبي شيبة (٥/ ٢٥٣) حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه قال: قال علي ﵁ «يا أهل الكوفة لا تزوجوا الحسن بن علي فإنَّه رجل مطلاق، فقال رجل من همدان: والله لنزوجنَّه فما رضي أمسك وما كره طلق» مرسل رواته ثقات. محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لم يسمع من جده علي بن أبي طالب ﵁، ورواه ابن المنذر في «الأوسط» (٩/ ١٣٣) وضعفه. ٢ - قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عُمَر، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال، قال: سمعت عبد الله بن حسن يقول: «كان حسن بن علي ﵄ قلَّ ما تفارقه أربع حرائر، وكان صاحب ضرائر» إسناده ضعيف جدًّا. محمد بن عمر الواقدي متروك. وقال أيضًا: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني علي بن عمر، عن أبيه، عن علي بن حسين، قال: «كان حسن بن علي ﵄ مطلاقًا للنساء، وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه» إسناده ضعيف كسابقه. وانظر: «تهذيب الكمال» (٢/ ١٤٧)، و «البداية والنهاية» (٨/ ٤٠)، و «تاريخ دمشق» (١٣/ ٢٤٩). (٤) من المروي في كثرة طلاق المغيرة بن شعبة ﵁ ما رواه: سعيد بن منصور (٥١٦) قال: حدثنا أبو شهاب، عن عاصم الأحول عن بكر بن عبد الله المزني، عن المغيرة بن شعبة ﵁ قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ: «هَلْ رَأَيْتَهَا؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ: «فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا». قَالَ: فَأَتَيْتُهُمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَعِنْدَهَا أَبُوهَا، فَسَكَتَا، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: إِنِّي أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَمْ يَأْمُرْكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ لَمَا نَظَرْتَ. وَرَفَعَتِ السِّجْفَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا، فَمَا نَزَلَتْ مِنِّي امْرَأَةٌ قَطُّ بِمَنْزِلَتِهَا، وَقَدْ تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ امْرَأَةً أَوْ بِضْعَةً وَسَبْعِينَ» مرسل رواته ثقات. أبو شهاب عبد ربه بن نافع ثقة، وكذلك بقية الرواة، قال يحيى ابن معين: لم يسمع بكر من المغيرة ﵁، والحديث مخرج في «غاية المقتصدين شرح منهج السالكين» (٣/ ٨٩)، وانظر: «تاريخ دمشق» لابن عساكر (٦٠/ ٥٤)، و «تهذيب الكمال» (٢/ ١٤٧)، و «سير أعلام النبلاء» (٥/ ٢٧).