الرد الرابع: عامة ما يقدر أنَّها زيادة من ثقة، فيكون الأخذ بها أولى، وحينئذ فيدل أحد حديثي ابن عباس- ﵄ على أنَّ هذا الحكم ثابت فى حق البكر، وحديثه الآخر على أنَّه ثابت في حكم الثيب أيضًا، فأحد الحديثين يقوى الآخر، ويشهد بصحته (١).
الجواب: كالذي قبله.
الوجه الثالث: المراد بذلك الحديث من كررَّ الطلاق منه، فقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق فإنَّها كانت عندهم محمولة على التوكيد فكانت واحدة، وصار الناس بعد ذلك يحملونها على التجديد، فأُلْزِمُوا ذلك لَمَّا ظهر قصدهم إليه ويشهد لصحة هذا التأويل قول عمر-﵁:«إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاة»(٢).
الرد: الحكم لا يتغير من وقت لآخر إنَّما يختلف باختلاف النيات فمن نوى التوكيد فهي واحدة ومن نوى الإنشاء فهي ثلاث عند من يرى وقوع الثلاث المفرقة (٣).
الوجه الرابع: معنى «كَانَتِ الثَّلَاثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً» أي كانت الثلاث الموقعة الآن تجعل واحدة بمعنى توقع واحدة في عهد النبي ﷺ ومعنى «كَانَ الطَّلاقُ … » و «أَلَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَأَبِي بَكْرٍ ﵁ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، طَلاقُ الثَّلاثِ: وَاحِدَةً … » أي كان طلاق الناس في عهد عمر- ﵁ ثلاثًا وكان في عهد النبي ﷺ واحدة، فالحديث إخبار عن اختلاف عادة الناس لا عن تغير الحكم وقوله:«أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ» أي: بإيقاع الطلاق (٤).
(١) نظر: «إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان» (١/ ٢٩٥). (٢) انظر: «معالم السنن» (٣/ ٢٠٥)، و «المعلم بفوائد مسلم» (٢/ ١٢٧)، و «المفهم» (٤/ ٢٤٣)، و «شرح مسلم» للنووي (١٠/ ١٠٤)، و «الحاوي» (١٠/ ١٢٢)، و «فتح القدير» (٣/ ٣٣١)، و «تهذيب السنن» (٣/ ١٢٦)، و «فتح الباري» (٩/ ٣٦٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨٠)، و «بذل المجهود في حل أبي داود» (١٠/ ٣٠١). (٣) انظر: «زاد المعاد» (٥/ ٢٦٦). (٤) انظر: «سنن البيهقي الكبرى» (٧/ ٣٣٨)، و «المنتقى شرح الموطأ» (٥/ ١٨٥)، و «المعلم بفوائد مسلم» (٢/ ١٢٧)، و «شرح السنة» (٩/ ٢٣٠)، و «الحاوي» (١٠/ ١٢٢)، و «المغني» (٨/ ٢٤٤)، و «تهذيب السنن» (٣/ ١٢٧، ١٢٩)، و «فتح الباري» (٩/ ٣٦٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٨٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٤٥).