وقال قبل ذلك: عبد الرحمن بن عوف طلق تماضر بنت الإصبغ الكلبية ﵄ ثلاثًا في مرضه فلم ينكره الصحابة ﵃ عليه، … وروي عن الحسن بن علي ﵄ أنَّ امرأته عائشة الخثعمية قالت له بعد قتل أبيه: لتهنك الخلافة يا أمير المؤمنين فقال لها: أو يقتل أمير المؤمنين وتشمتين اذهبي فأنت طالق ثلاثًا، فلم ينكر ذاك أحد من الصحابة ﵃ فدل على إباحته عندهم (١).
الجواب: الصحيح أنَّ عبد الرحمن بن عوف طلق تماضر ﵄ طلقة واحدة كانت آخر الثلاث أمَّا طلاق الحسن بن علي ﵄ فالوارد فيه ضعيف ومختلف في نوعه، أما ابن عباس ﵄ فلم يختلف عليه في منع الثلاث فالرواية التي ذكرها لا تدل على إباحة الثلاث وغاية ما فيها السكوت عن الثلاث وصح عنه أنَّه قال فيمن طلق ثلاثًا «عَصَى اللهَ» وما ذكره عن أبي هريرة ﵁ لم أقف عليه.
وما تقدم أنَّ رجلًا بطالًا كان بالمدينة، طلق امرأته ألفًا، فرجع إلى عمر ﵁ فقال: إنَّما كنت ألعب، «فَعَلَا عُمَرُ ﵁ رَأْسَهُ بِالدّرِّةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا» وقول عثمان ﵁«ثَلَاثٌ تُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ، وَسَبْعَةٌ وَتِسْعُونَ عُدْوَانٌ» وقول ابن عمر ﵄ قال لمن طلق مائة: «يُؤْخَذُ مِنْكَ ثَلَاثَةٌ، وَسَبْعَةٌ وَتِسْعُونَ يُحَاسِبُكَ اللهُ ﷿ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وقول ابن مسعود ﵁ بَانَتْ مِنْكَ بِثَلَاثٍ، وَسَائِرُهُنَّ عُدْوَانٌ» فلا تدل هذه الآثار إقرار الصحابة ﵃ على من طلق ثلاثًا وتقدم الجواب عنها (٢)، والله أعلم.
٣ - قال سبط ابن الجوزي: حكى محمد بن الحسن إجماع الصحابة ﵃ في المسألة حتى روى عن أبي بكر وعمر وعلي وابن عباس وابن عمر وعمران بن حصين ﵃ أنَّهم قالوا إرسال الطلقات الثلاث معصية (٣).