وجه الاستدلال: الراجح من روايات حديث عائشة ﵂ لفظ «طلق ثلاثًا» وظاهره أنَّها مجموعة ولم ينكر عليه النبي ﷺ(١).
الرد من وجوه:
الأول: ورد في رواية أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ ﵁ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا فَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزَّبِيرِ ﵁ فَجَاءَتْ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رِفَاعَةَ ﵁ فَطَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ … » فتحمل ثلاثًا على أنَّها آخر ثلاث تطليقات وبها تكون مبتوتة، فليس بين الروايات تعارض فبعضهم روى الحديث بالمعنى، والله أعلم.
الثاني: لا يدل لفظ «طلق ثلاثًا» على الجمع فيحتمل أنَّها مجموعة، ويحتمل أنَّها مفرقة والدليل إذا تطرق له الاحتمال سقط به الاستدلال.
الثالث: قال القاضي عبد الحق: لا يصح اللفظ بالثلاث إلا في حديث الملاعنة (٢).
الجواب: صح لفظ ثلاثًا من حديث عائشة ﵂ وغيرها، قال الحافظ ابن حجر: قول القاضي بقوله: يعني بين يدي النبي ﷺ فيصح على بعد (٣).
الدليل التاسع: حديث ابن الزبير ﵄ أنَّ رفاعة بن سموأل ﵁ طلق امرأته تميمة بنت وهب ﵂ في عهد رسول الله ﷺ ثلاثًا فنكحت عبد الرحمن بن الزبير ﵁ فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها، فأراد رفاعة ﵁ أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها فذكر ذلك لرسول الله ﷺ فنهاه عن تزويجها، وقال:«لَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ»(٤).
(١) انظر: «اختلاف الحديث» (ص: ٢٥٩)، و «المحلى» (١٠/ ١٧١)، و «عمدة القاري» (١٧/ ١٦). (٢) «الأحكام الوسطى» (٣/ ١٩٤). (٣) «تخريج أحاديث الكشاف» (١/ ١٤٤). (٤) الحديث رواه: =