الثاني: الأصل قبول خبر الثقة ولو فتح باب الاحتمالات ردت أكثر النصوص فيتمسك بالأصل وهو قبول خبر الثقة حتى يثبت خلافه (١).
قال الألباني: هذه الروايات مما لم يقف عليها ابن القيم ﵀ وظني أنَّه لو وقف عليها لتبدد الشك الذي أبداه في رواية ابن وهب ولصار إلى القول بما دل عليه الحديث من الاعتداد بطلاق الحائض (٢).
قال أبو عبد الرحمن: رحمكما الله جميعًا - هذا ما نعرفه عن ابن القيم أنَّه مع الدليل متجردًا لطلب الحق هذا ما نحسبه ولا نزكي على الله أحدًا.
الوجه الثاني:«وَاحِدَةً» يراد بها الطلقة التي ستكون في الطهر الثاني في قبل العدة لأنَّها أقرب مذكور إلى الضمير بل إنَّه لم يذكر غيرها في اللفظ النبوي الكريم وطلقة الحيض أشير إليها فيه فقط وفهمت من سياق الكلام فلا يمكن أن يعود الضمير إليها ويكون معنى قوله: «وَاحِدَةً» إن طلق كما أمر كانت طلقة واحدة ولا تكون طلقة ثانية لعدم الاعتداد بالأولى التي كانت لغير العدة فتكون هذه الرواية مؤيدة لرواية أبي الزبير ودليلًا على بطلان الطلاق في الحيض (٣).
الجواب: الروايات الأخرى ترد هذا التوجيه منها رواية الشعبي عن ابن عمر ﵄ نص على أنَّها حسبت عليه واحدة وكذلك رواية نافع.
الدليل التاسع: عن الشعبي قال طلق ابن عمر ﵄ امرأته واحدة وهي حائض فانطلق عمر ﵁ إلى رسول الله ﷺ فأخبره «فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ الطَّلَاقَ فِي عِدَّتِهَا وَتُحْتَسَبُ بِهَذِهِ التَّطْلِيقَةِ الَّتِي طَلَّقَ أَوَّلَ مَرَّةٍ»(٤).
(١) انظر: «فتح الباري» (٩/ ٣٥٣)، و «نيل الأوطار» (٦/ ٢٢٤)، و «إرواء الغليل» (٧/ ١٣٤). (٢) «الإرواء» (٧/ ١٣٥). (٣) انظر: «نظام الطلاق في الإسلام» (ص: ٢١). (٤) رواه الدارقطني في سننه (٤/ ١١) حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا الحسن بن سلام، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا شيبان عن فراس عن الشعبي فذكره» رواته ثقات. محمد بن سابق فما فوقه من رجال البخاري على كلام يسير في محمد بن سابق. والحسن بن سلام السواق ترجم له الذهبي في السير فقال: الإمام، الثقة، المحدث … قال أبو بكر الخطيب: ثقة صدوق. وعثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق وثقه الدارقطني والخطيب. والشعبي له رواية عن ابن عمر ﵄ وروايته عن عمر ﵁ مرسلة قال الذهبي في «مهذب سنن البيهقي» (٦/ ٢٩١٦) مرسل. وقال الألباني في «الإرواء» (٧/ ١٣١) إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط الشيخين. ورواه البيهقي في سننه (٧/ ٣٢٦) أخبرنا أبو عبد الله: محمد بن أحمد بن أبى طاهر الدقاق ببغداد حدثنا أحمد بن سلمان حدثنا أحمد بن زهير بن حرب حدثنا محمد بن سابق أبو جعفر به فذكره.