للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: قال الألباني: دعوى أبي داود أنَّ الأحاديث كلها على خلاف ما قال

أبو الزبير فيرده طريق سعيد بن جبير … فإنَّه موافق لرواية أبي الزبير هذه فإنَّه قال: «فَرَدَّ النَّبِيُّ ذَلِكَ عَلَى حَتَّى طَلَّقْتُهَا وَهِيَ طَاهِرٌ» وإسناده صحيح غاية فهي شاهد قوي جدًّا لحديث أبي الزبير ترد قول أبي داود المتقدم ومن نحا نحوه مثل ابن عبد البر والخطابي وغيرهم ومن العجب أنَّ هذا الشاهد لم يتعرض لذكره أحد من الفريقين لأهميته (١).

الرد من وجهين:

الوجه الأول: قوله: «فَرَدَّ النَّبِيُّ ذَلِكَ عَلَي» ليس فيه إلا رد الطلاق عليه وهذا اتفقت الروايات عليه لكن ليس فيه أنَّه لم يحتسبها عليه طلقة.


= هذا. وقال المنذري في «مختصر سنن أبي داود» (٣/ ٩٥) حديث يونس بن عبيد أثبت من هذا.
وقال ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (ص: ٩١ - ٩٢): هذا مما تفرد به أبو الزبير عن أصحاب ابن عمر كلهم مثل: ابنه سالم، ومولاه نافع، وأنس، وابن سيرين، وطاووس، ويونس بن جبير، وعبد الله بن دينار، وسعيد بن جبير، وميمون بن مهران وغيرهم. وقد أنكر أئمة العلماء هذه اللفظة على أبي الزبير من المحدثين والفقهاء، وقالوا: إنَّه تفرد بما خالف الثقات، فلا يقبل تفرده، فإنَّ في رواية الجماعة عن ابن عمر ما يدل على أنَّ النبي حسب عليه الطلقة من وجوه كثيرة … وقد كان طوائف من الناس يعتقدون أنَّ طلاق ابن عمر كان ثلاثًا … اختلف في هذا الحديث على أبي الزبير وأصحاب ابن عمر الثقات الحفاظ العارفون به الملازمون له لم يختلف عليهم فيه … فلعل أبا الزبير اعتقد هذا حقًا، فروى تلك اللفظة بالمعنى الذي فهمه.
وقال الجصاص في «أحكام القرآن» (١/ ٥٣٠) هذا غلط فقد رواه جماعة عن ابن عمر أنَّه اعتد بتلك التطليقة.
وقال الماوردي في «الحاوي» (١٠/ ١١٧) «وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا» فضعيف لتفرد أبي الزبير به ومخالفة جميع الرواة فيه.
وقال أبو زرعة العراقي في «طرح التثريب» (٧/ ٨٨) تمسك ابن حزم على أنَّ الطلاق لم يقع برواية أبي الزبير وقال هذا إسناد في غاية الصحة لا يحتمل التوجيهات، وهو عجيب فقد تقدم عن أبي داود أنَّه قال الأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير … فكيف يتمسك برواية شاذة، ويترك الأحاديث الصحيحة التي هي مثل الشمس في الوضوح، وقوله: إنَّ هذه الرواية لا تحتمل التوجيهات مردود.
(١) «الإرواء» (٧/ ١٢٩).

<<  <   >  >>