الثاني: لو كانت تسرف وتضيع مال زوجها لأمره بحفظ ماله ولم يأمره بمفارقتها (١)، والله أعلم.
الدليل الثاني: عن عمرو بن الأحوص الجشمي ﵁ أنَّه شهد حجة الوداع مع رسول الله ﷺ فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فقال: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا … »(٢).
وجه الاستدلال: لم يأمر بمفارقة الزوجة إذا أتت بفاحشة (٣).
الرد من وجهين:
الأول: الحديث ضعيف.
الثاني: على فرض ثبوت الحديث لا يدل على إمساك الزوجة البغي قال القرطبي قوله: [بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ](الأنعام: ١٩) يريد لا يدخلن من يكرهه أزواجهن ولا يغضبنهم وليس المراد بذلك الزنا، فإنَّ ذلك محرم ويلزم عليه الحد (٤).
(١) انظر: «الحاوي الكبير» (٩/ ٤٩٥)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (٣/ ١٣٠). (٢) رواه الترمذي (١١٦٣) (٣٠٨٧) - وقال: هذا حديث حسن صحيح - والنسائي في «الكبرى» (٩١٦٩)، وابن ماجه (١٨٥١). وإسناده ضعيف. الحديث من رواية سليمان بن عمرو بن الأحوص الجشمي عن أبيه. وسليمان مجهول الحال فقد ذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن القطان مجهول وقال الحافظ مقبول. وموضع الاستدلال من الحديث لم أقف له على شاهد. والحديث في «صحيح مسلم» (١٢١٨) من حديث جابر ﵁ بلفظ «وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ». عَوَانٌ عِنْدَكُمْ: أسرى في أيديكم. (٣) انظر: «أضواء البيان» (٦/ ٨٢). (٤) «تفسير القرطبي» (٥/ ١١٣).