وجه الاستدلال: أقره النبي ﷺ على البقاء مع امرأة تزني.
الرد: اختلف في هذا الحديث في أمرين:
الأول: صحة الحديث والذي تبين لي ضعفه فلا يصح الاستدلال به.
الثاني: على فرض صحة الحديث اختلف في معنى الحديث على قولين:
القول الأول: أنَّ الحديث على ظاهره وقوله «لا تدفع يد لامس» كناية عن فساد المرأة ثم اختلفوا فقالت طائفة من أهل العلم: المراد به الزنا فقوله «لا تدفع يد لامس» كناية عن زناها. وسبب إذن النبي ﷺ له بالتمتع بها مع أنّها زانية من باب ارتكاب أخف المفسدتين فلو طلقها ربما عاد إلى وصالها بالحرام لشدة حبه لها فأذن له بإبقائها وممن قال بذلك الخلال والخطابي.
الرد: حاشا النبي ﷺ أن يأمره البقاء مع امرأة بغي فليس المراد بالحديث الزنا فلم يقل «إنَّها لا تمنع لامسًا، فلو كان الكلام هكذا لكان كناية عن الجماع فالمس واللمس إذا لم يقيدا يكنى بهما عن الجماع أحيانًا كقوله - تعالى -: [أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ](النساء: ٤٣)، ويراد بهما أحيانًا المس باليد كقوله - تعالى -: [لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ](الواقعة: ٧٩) والضمير يعود إلى الصحف التي بأيدي الملائكة [بِأَيْدِي سَفَرَةٍ](عبس: ١٥) أما إذا قيدا باليد فالمراد به المس باليد كقوله - تعالى -: [وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ](الأنعام: ٧)(١).
وقالت طائفة أخرى: المراد أنَّها تطاوع من مازحها ومسها بيده وترقق كلامها وإن كانت لا تجيب للزنا.
= طريق جابر ﵁، سوى ما سأله عنه الخلاّل، وهو معذور في جوابه بالنسبة لتلك الطريق بخصوصها، والله ﷾ أعلم بالصواب. وتقدم تصحيح بعض أهل العلم لبعض طرقه فصححها المنذري والذهبي وابن كثير. (١) انظر: «الناسخ والمنسوخ» لأبي عبيد (ص: ١١٠)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ٣٩٢)، و «الموضوعات» لابن الجوزي (٢/ ٢٧٢)، و «معالم السنن» للخطابي (٣/ ١٥٥)، و «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ١١٦)، و «إعلام الموقعين» (٤/ ٣٤٨).