شيخنا حكى عن جده أبي البركات: أنَّه كان يفتى بذلك أحيانًا سرًّا، وقال في بعض مصنفاته: هذا قول بعض أصحاب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد … أما بعض أصحاب أحمد، فإن كان أراد إفتاء جده بذلك أحيانًا، وإلا فلم أقف على نقل لأحد منهم (١) وأمَّا الشافعية فطلاق الثلاث سنة عندهم وينقل بعض فقهائهم الإجماع على وقوع الثلاث ولم أقف لهم على قول بعدم وقوع الثلاث، ثم أظهر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه وعلى هذا القول الفتوى الرسمية في بعض البلاد العربية.
وبعض أهل العلم ينقل الإجماع على وقوع الثلاث؛ لأنَّ الخلاف عنده شاذ لا يعتد به.
قال ابن عبد البر: لم يختلف فقهاء الأمصار وأئمة الهدى فيمن طلق ثلاثًا في طهر مس فيه أو لم يمس فيه أو في حيض أنَّه يلزمه طلاقه (٢).
وقال ابن العربي: انعقاد الإجماع من الأمة بأنَّ من طلق طلقتين أو ثلاثًا أنَّ ذلك لازم له، ولا احتفال بالحجاج وإخوانه من الرافضة، فالحق كائن قبلهم (٣).
وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي: قال علماؤنا: اتفق أئمة الفتوى على لزوم إيقاع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة، وهو قول جمهور السلف، وشذ طاوس وبعض أهل الظاهر إلى أنَّ طلاق الثلاث في كلمة واحدة يقع واحدة، ويروى هذا عن محمد ابن إسحاق والحجاج بن أرطاة (٤).
وقال ابن رشد: وهو مذهب جميع الفقهاء وعامة العلماء لا يشذ في ذلك عنهم إلا من لا يعتد بخلافه منهم (٥).