وجه الاستدلال: طلق عبد يزيد زوجته ثلاثًا ولم ينكر النبي ﷺ عليه فدل على جواز إيقاع الثلاث (١).
الجواب من وجهين:
الأول: الحديث لا يصح.
الثاني: على فرض صحته ففي الحديث أنَّ طلاق الثلاث واحدة والمستدل به
لا يقول بذلك.
الدليل الخامس عشر: أنَّ ركانة بن عبد يزيد ﵁ طلق امرأته سهيمة المزنية ﵂ ألبتة ثم أتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إنَّي طلقت امرأتي سهيمة ﵂
= حديث منكر [خطأ] وإنما طلق [رُكانة زوجته] البتة لا كذلك رواه الثقات أهل بيت رُكانة العالمون به. وقال ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (١٠٥٩) هذا حديث لا يصح ابن إسحاق مجروح وداود أشد منه ضعفًا … والظاهر أنَّه من غلط الرواة. قال أبو عبد الرحمن: ليست العلة لأجل ابن إسحاق فقد صرح بالتحديث إنَّما العلة نكارة الحديث وقد أشار إلى ذلك بقوله: والظاهر أنَّه من غلط الرواة. وقال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (٧/ ٣٩٢) حديث ابن إسحاق منكر خطأ. فالحديث لا يصح ففي إسناده محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ضعفه شديد ورواية الإمام أحمد لا يتقوى الحديث بها فهي رواية منكرة، والله أعلم فلا يصح حديث ركانة ﵁ بلفظ «طلق ثلاثًا» ولا بلفظ «البتة» - ويأتي قريبًا -، والله أعلم. تنبيه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في: «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ٨٥) لم يذكر أبو داود هذا الطريق الجيد؛ فلذلك ظنَّ أنَّ تطليقة واحدة بائنًا أصح؛ وليس الأمر كما قاله بل الإمام أحمد رجح هذه الرواية على تلك؛ وهو كما قال أحمد. وصححه ابن القيم في «إغاثة اللهفان» (١/ ٢٨٤) وقال في «تهذيب السنن» (٣/ ١٢٢) بالجملة أبو داود لم يتعرض لحديث محمد بن إسحاق ولا ذكره - يشير لعبارته الآتية في حديث ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة المزنية ألبتة - وأبو داود علل ترجيحه لهذا الحديث بقوله: لأنَّهم ولد الرجل وأهله أعلم به وهذه العلة لا تنطبق على حديث ابن إسحاق فإنَّه ليس من رواية ولد ركانة بن عبيد يزيد. (١) انظر: «الأوسط» (٩/ ١٤٣)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٢٠).