وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» (١) فأثبت النبي ﷺ في بيع التدليس الخيار - وهو فرع عن صحة البيع - مع نهيه عن التدليس فالبيع الأصل مباح لكن نهي عنه لأجل الغش وعن
أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تَلَقَّوْا الْجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ»(٢) فنهى النبي ﷺ عن تلقي الجلب لأنَّه يضر بالناس وصحح العقد بإثبات الخيار. وكذلك النهي عن طلاق الحائض فالأصل في الطلاق أنَّه مباح لكن نهي عنه لأمر خارجي عن الطلاق وليس نهيًا لذات الطلاق أو لجزئه أو لوصفه اللازم فيصح الطلاق مع الإثم فيؤمر المطلق بالرجعة تغييرًا للمنكر الذي صدر منه.
قال العلائي: طلاق الحائض فإنَّه [النهي فيه] ليس لذاته بل لما يقترن به من تطويل العدة … فالنهي متى ظهر فيه أنَّه لأمر خارجي لم يكن دالًا على الفساد وإذا لم يظهر فيه ذلك حمل على الفساد سواء تحقق فيه أنَّه لعين المنهي عنه أو لوصفه اللازم أو لم يتحقق ذلك (٣).
وقال ابن رجب: الطلاق المنهي عنه، كالطلاق في زمن الحيض، فإنَّه قد قيل: إنَّه قد نهي عنه لحق الزوج، حيث كان يخشى عليه أن يعقبه فيه الندم، ومن نهي عن شيء رفقًا به، فلم ينته عنه، بل فعله وتجشم مشقته، فإنَّه لا يحكم ببطلان ما أتى به، كمن صام في المرض أو السفر … وقيل: إنَّما نهي عن طلاق الحائض، لحق المرأة لما فيه من الإضرار بها بتطويل العدة … فإن قيل: إنَّ التحريم فيه لحق الزوج خاصة، فإذا أقدم عليه، فقد
(١) رواه البخاري (٢١٤٨)، و مسلم (١٥١٥). تصرية بهيمة الأنعام ترك حلبها فترة حتى تمتلئ ضروعها حليبًا فيظن المشتري أنَّها ذات حليب. (٢) رواه مسلم (١٥٩١). (٣) «تحقيق المراد في أنَّ النهي يقتضي الفساد» (ص: ٣٨١، ٣٨٢).