وجه الاستدلال: أمر النبي ﷺ بالمراجعة والأصل في الأمر الوجوب.
الرد: لم يأمره بنفسه وجعل عمر ﵁ هو الآمر له بقوله: مره فليراجعها فدل على أنَّ الأمر معدول به عن الوجوب إلى الاستحباب؛ لأنَّه عدل به عمن تجب أوامره إلى من لا تجب أوامره والأمر بالأمر بالشيء ليس أمرًا بذلك الشيء (١).
الجواب: قول النبي ﷺ: «فَلْيُرَاجِعْهَا» أمر لابن عمر ﵄ فتجب عليه المراجعة (٢) فلا علاقة لهذا الحديث في المسألة الأصولية السابقة، وعلى تقدير أنَّ الأمر ليس لابن عمر ﵄، فعمر ﵁ استفتى النبي ﷺ عن ذلك ليمتثل ما يأمره به ويلزم ابنه به فالقرينة واضحة في أنَّ عمر ﵁ في هذه الحادثة مأمور بالتبليغ (٣) فالأمر في هذا الحديث كالأمر في حديث عائشة ﵂«مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»(٤).
الرد: أمر النبي ﷺ ابن عمر ﵄ بالرجعة ولم يجبره عليها (٥).
الجواب: الأصل في أمر النبي ﷺ المتعلق بالتشريع الوجوب (٦) فلم يكن الصحابة ﵃ يسألون النبي ﷺ إذا أمرهم هل هذا الأمر لازم أم ليس بلازم.
الدليل الثاني: عن عائشة ﵂ أنَّ رسول الله ﷺ قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٧).
(١) انظر: «الحاوي» (١٠/ ١٢٣)، و «حاشية عميرة» (١/ ٣٤٩)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٦). (٢) انظر: «منحة الخالق على البحر الرائق» (٣/ ٤٢٢). (٣) انظر: «المنتقى» (٥/ ٣٧٢)، و «إكمال المعلم» (٥/ ٥)، و «تهذيب المسالك» (٤/ ٩٤)، و «فتح الباري» (٩/ ٣٤٨)، و «البحر الرائق» (٣/ ٤٢٢). (٤) رواه البخاري (٦٦٤)، ومسلم (٤١٨). (٥) انظر: «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (٢/ ٣٧٩). (٦) انظر: «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٢/ ٧٣٧). (٧) رواه مسلم (١٧١٨).