وتأوَّلَ بعضُ أهلِ العلم هذا الحديثَ، فقال: إنَّما تَرَكَ النبيُّ ﷺ السجودَ، لأنَّ زيدَ بن ثابتٍ حينَ قَرأ فلم يَسجدْ، لم يسجد النبيُّ ﷺ، وقالوا: السجدةُ واجبةٌ على من سَمِعها، ولم يُرَخِّصوا في تركها، وقالوا: إن سَمِعَ الرجلُ وهو على غير وضوءٍ، فإذا توضَّأ، سَجَدَ، وهو قولُ سفيانَ وأهْلِ الكوفة، وبه يقول إسحاقُ.
وقال بعضُ أهل العلم: إنَّما السجدةُ على من أرادَ أن يسجدَ فيها والتَمَسَ فضلَها، ورخَّصوا في تركها، إن أراد ذلك، واحتجوا بالحديثِ المرفوع، حديثِ زيد بن ثابت، قال: قرأتُ على النبيِّ ﷺ النَّجْمَ فلم يسجدْ، فقالوا: لو كانت السجدةُ واجبةً، لم يتركِ النبيُّ ﷺ زيدًا حتى كان يَسْجُدُ ويَسْجُدُ النبيُّ ﷺ، واحتجوا بحديثِ عمرَ: أنَّه قَرَأ سَجْدةً على المنبرِ، فنَزَلَ فسجدَ، ثم قرأها في الجمعة الثانية، فَتَهيَّأ الناسُ للسجودِ، فقالَ: إنها لم تُكْتَبْ علينا إلَّا أن نَشَاءَ، فلم يسجدْ ولم يسجدوا (١)(٢).
فذَهَبَ بعضُ أهل العلم إلى هذا، وهو قولُ الشافعيِّ، وأحمدَ.
= حبان" (٢٧٦٢). (١) في (س): ولم يسجدوها، وفي (ب): ولم يُسْجِدْنا، والمثبت من سائر الأصول. (٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١٠٧٧).