وعن هذا الفهم العميق صَدَرَ الصحابةُ ﵃ والتابعون لهم بإحسان في أقوالهم وأفعالهم وجميعِ أحوالهم، فقد رُوي أن امرأةً مِن بني أسدٍ يُقال لها: أم يعقوب أتت عبدَ اللهِ بنَ مسعود، فقالت: ما حديثٌ بلغني عنك أنَّك لعنتَ الواشماتِ والمُستوشماتِ والمتنمِّصاتِ والمتفلِّجاتِ للحسن، المُغَيِّرات خلقَ الله؟ فقال عبد الله: وما لي لا ألْعَنُ مَنْ لَعَنَ رسولُ الله ﷺ، وهو في كتاب الله.
فقالت المرأةُ: لقد قرأتُ ما بين لوحي المصحف، فما وجدتُه، فقال: لئن كنتِ قرأتيه، لقد وجدتيه، قال الله ﷿: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (١).
وقيل لمطَرِّفِ بن عبد الله بن الشِّخِّير: لا تُحدثونا إلا بالقرآن، فقال له مُطَرِّف: والله ما نُريدُ بالقرآن بدلًا، ولكن نريدُ من هو أعلم بالقرآن منا (٢).
(١) أخرجه أحمد (٣٩٤٥) و (٤١٢٩)، والبخاري (٥٩٤٨)، ومسلم (٢١٢٥) (١٢٠) واللفظ له. (٢) "جامع بيان العلم" ٢/ ١٩١.