ورُبَّما قال: قد أفْلَج (١) - فقال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ [الإسراء: ١] قال: أفَتُراهُ صلى فيه؟ قلتُ: لا، قال: لو صَلّى فيهِ، لكُتِبَ عليكُم فيه الصَّلاةُ كما كُتِبَتِ الصَّلاةُ في المسجدِ الحرامِ. قال حُذَيفَةُ: قد أُتِيَ رسولُ اللهِ ﷺ بِدابَّةٍ طَوِيل الظَّهْرِ، مَمْدُود هكذا، خَطْوُه مَدَّ بَصَرِه، فما زَايلا ظَهْرَ البُراقِ حتَّى رَأيَا الجَنَّةَ والنَّارَ ووعْدَ الآخِرَةِ أجْمَعَ، ثمَّ رَجَعا عَوْدَهُما على بَدْئِهِما. قال: ويَتَحدَّثُونَ أنَّهُ رَبَطَه، لِمَ، لِيَفِرَّ منهُ؟! إنَّما سَخَّرَه له عالمُ الغَيْبِ والشَّهادَةِ (٢).
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
(١) في (أ) و (د): فلج. (٢) حديث حسن، وأخرجه مختصرًا النسائي في "الكبرى" (١١٢٨٠). وهو في "المسند" (٢٣٢٨٥)، و"صحيح ابن حبان" (٤٥). قوله: "فلج" من باب نصر: انتصر وفاز، وكذا أفلج. وقد جاء في حديث أنس، وأبي هريرة، وابن مسعود أنه ﷺ قد صلى في بيت المقدس، قال الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ١٢/ ٥٤٤ بعد أن أوردها: وكان ما رويناه عن ابن مسعود وأنس وأبي هريرة عن رسول الله ﷺ من إثبات صلاة رسول الله ﷺ هناك أولى من نفي حذيفة أن يكون صلى هناك، لأن إثبات الأشياء أولى من نفيها، ولأن الذي قاله حذيفة: إن رسول الله ﷺ لو كان صلى هناك، لوجب على أمته أن يأتوا ذلك المكان، ويصلوا فيه كما فعل ﷺ، فإن ذلك مما لا حجة لحذيفة فيه، إذ كان رسول الله ﷺ قد كان يأتي مواضع، ويُصلي فيها، لم يكتب علينا إتيانها، ولا الصلوات فيها.