واظهر ذال ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ﴾ (١) ابن كثير وحفص، وكذا رويس بخلف عنه، والباقون بالإدغام.
واختلف في ﴿سِخْرِيًّا﴾ (٢) هنا و «ص» فنافع وحمزة والكسائي، وكذا أبو جعفر وخلف بضمّ السّين في السّورتين، وافقهم الأعمش، وقرأ الباقون بكسرها فيهما، قال في (الدر) ك (البحر): واختلف في معناهما، فقيل: واحد، وهو قول الخليل وسيبويه والكسائي وأبي زيد، وقال يونس: "إن أريد الخدمة والسخرة فالضم لا غير، وإن أريد الهزء فالضم والكسر، ورجح أبو علي وتبعه مكّي قراءة الكسر، قالا: لأنّ ما بعدها أليق لها لقوله ﴿وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾، وتعقيهما السمين فقال: ولا حجه فيه لأنّهم جمعوا بين الأمرين: سخّروهم في العمل، وسخروا منهم استهزاء، والسخرة بالتاء: الاستخدام، وسخريا بالضّم منها، والسّخر بدونها: الهزء، والمكسور منه، وقال الأعشى (٣):
إنّي أتاني حديث لا أسرّ به … من علو لا كذب فيه ولا سخر
وقد تعقب أبو حيّان ابن عطية في دعواه إجماع القراءة على ضم السّين في قوله:
﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا﴾ معللا بتخلص الأمر فيه للتخديم، فقال: وليس ما ذكره من إجماع القراءة على ضم السّين صحيحا لأنّ ابن محيصن وابن مسلمة كسرا في «الزخرف» كما ذكره ابن جبارة في (الكامل) انتهى، والياء في:«سخريا» و «سخريا» للنسب زيدت للدلالة على قوة الفعل، فالسّخرى أقوى من «السّخر» كما قيل في الخصوص: خصوصية دلالة على قوة ذلك، قال معناه الزّمخشري، وهو مراد
(١) المؤمنون: ١١٠، النشر ٢/ ٣٣٠، المبهج ٢/ ٧١٩، باب الإدغام ٢/ ٧٧. (٢) المؤمنون: ١١٠، ص: ٦٣، النشر ٢/ ٣٣٠، المبهج ٢/ ٧١٩، مصطلح الإشارات: ٣٨٠، إيضاح الرموز: ٥٤٩، الدر المصون ٨/ ٣٧١، البحر المحيط ٧/ ٥٨٧. (٣) البيت من البسيط، وهو للأعشى، وهو من شواهد البحر المحيط ٧/ ٥٨٧، الوجيز ٤/ ١٩١، الدر المصون ١١/ ٧٠، كتاب الشعر: ٢٤٢، خزانة الأدب ١/ ١٩٥.