فلم يلتزم ما قرأ به، وإنّما التزم ما في (التّيسير)، وعلى هذا يجب على المجيز أن يقول:" أجزته بما نقل أنّ الشّاطبي كان يقرئ به "، ولا يجوز أن نقول:" قرأ عليّ بما في (الشّاطبيّة) "، لأنّه افتراء يخلّ بعدالته (١).
الثّالث: الإظهار مع تخفيف الهمز، عملا بالأصل الثّابت عن أبي عمرو من جميع الطّرق (٢).
وأمّا الإدغام مع الهمز فممنوع عند أئمة القرّاء، ولم يجزه أحد من محقّقيهم/، لأنّ فيه نوع مناقضة بتخفيف الثّقيل دون الأثقل، نعم يجوز الإدغام مع تحقيق الهمزة ليعقوب كما هو قاعدته؛ فالأحسن أن يحتج لمذهب أبي عمرو بالاتباع فافهم، أو يقال: وجه الإدغام مع التّحقيق: أنّ كلا منهما تخفيف برأسه، فليس أحدهما شرطا للآخر (٣).
وأمّا قول الجعبري:" إنّ هذه مفهومه من قول صاحب (التّيسير)(٤)، وأنّ الإدغام والتّخفيف مفهوم من قوله: "إذا قرأ بالإدغام لا يهمز" (٥)، والإظهار والتّحقيق من ضده، أي إذا لم يدغم همز، وأنّ الإظهار والتّخفيف مفهوم من قوله: إذا أدرج القراءة أي ولم يدغم لا يهمز، معناه: إذا أسرع وأظهر خفّف، قال: وقدرنا إذا أدرج ولم يدغم لعطفه الإدغام على الدّرج ب «أو» "(٦)؛ فتعقبه الشّيخ أبو القاسم النّويري المالكي:" بأنّ العمدة على قول القارئ: قرأت بكذا لا على ما يفهم من كلامه،
(١) الكلام بنصه من شرح الطيبة للنويري ٢/ ٧١، و"الإدغام والبدل" وجه واحد. (٢) النشر ١/ ٢٧٦. (٣) النشر ١/ ٢٧٧، الشمعة المضية ١/ ٦٨١، كنز المعاني ٢/ ٢٣٠. (٤) التيسير: ٣٦. (٥) في التيسير: ٣٦: "اعلم أن أبا عمرو كان إذا قرأ في الصلاة، أو أدرج قراءته، أو قرأ بالإدغام، لم يهمز كل همزة ساكنة، سواء كانت فاء، أو عينا، أو لاما"، وانظر النشر ١/ ٣٩٢. (٦) كنز المعاني ٢/ ٢٣٠، النشر ١/ ٢٧٨.