وفي قَوْله تعالَى:{وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}(١)، حتَّى صَارَ عندَهُ مثل الشَّمْعِ، فكان يأخُذه بيدِه فيَصِير كأنَّهُ عَجِين، فكان يَعْمل بهِ شَيئًا من غير نَار ولا قَرْع [وهو قَوْلهُ] (a): {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}(٢): دُرُوعًا كَوَامِلَ يجرُّها لابسُها على الأرْضِ.
وقال قَتَادَةُ (b): {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}(٣)[والسَّرْدُ] (c): نَسِيْج الدِّرْع (d)، والمَعْنَى: لا تَجْعَلِ المَسَامِيْر دِقَاقًا فتقْلَق (e) ولا غلاظًا فتَكْسر (f) الحلق، وهذا قَوْل جميع أهْلِ التَّأويْل.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن، قال: أخْبَرَنا الجَيَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ الجَبَّار، قال: أخْبَرَنا الوَاحِدِيّ، قال: أخْبَرَنا سَعيدُ بن العَاص القُرَشِيّ، فيما أجازَ لي، قال: حَدَّثَنَا العبَّاس بن الفَضْل بن زَكَرِيَّاء، قال: أخْبَرَنا أحْمَد بن أبي نَجْدَة القُرَشِيّ، قال: حَدَّثَنَا سَعيد بن مَنْصُور، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، قال: أخْبَرَني عَبْدُ الوَهَّاب بن مُجَاهِد، عن أَبِيهِ، عن ابن عبَّاسٍ في قَوْله تعالَى:{وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}(٤)، قال (g): لا تُدَقِّق المَسَامِيْر وتُوسَّع الحَلَقة فتَسْلَس (h)، ولا تُغَلِّظ المَسَامِيْر وتُضيّق الحلَقَة فتَنْفَصم (i)، اجْعَلْهُ قَدرًا. قال مُقَاتِل: ثمّ قال اللَّه تعالى لآل دَاوُد {وَاعْمَلُوا صَالِحًا}(٥) قال ابنُ عبَّاسٍ (٦): اشْكُروا اللَّه بما هو أهْلُه.
(a) إضافة من تفسير الواحدي. (b) قوله: "قال قتادة" يتصل بالكلام قبله من أن داود هو أول من اتَّخذ الدروع، فقدَّمه الناقل وأبقاه هنا خطأ، وأنما تفسير الآية {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} للواحدي لا قتادة. (c) ما بين الحاصرتين من تفسير الواحدي. (d) الواحدي: نسج الدروع. (e) الواحدي: فتفلق. (f) الواحدي: فتكثر. (g) نص كلام ابن عباس في تفسيره للآية: "قدر المسمار في الحلق، لا تدقق المسمار فيمور فيه ويخرج منه، ولا تغلظه فيخرمه"، انظر: تنوير المقباس ٤٥٢، والمثبت موافق لما عند الواحدي في تفسيره ٣: ٤٨٨، وانظر تفسير مجاهد ٢: ٥٢٣. (h) الواحدي: فتقسى، وفي تفسير مجاهد: فتسلسل، ولا تجلها [كذا] فتفصم. (i) الواحدي: فتنقَصم.