أخْبرَني أبو الفَرَج الحَلَبِيّ، قال: سَمِعْتُ أبا طَاهِر الرُّسْتُمِيّ ببَغْدَاد، قال: قال لي ابن شُرَيْح الفَقِيهُ: رَأيْتُ في المَنَام كأنَّ القِيامَة قد قامَت وحُشِر الخَلْقُ، نَادَى مُنَادٍ: ماذا أجَبْتُم المُرْسَليْنَ؟ فالتفَتُّ فلَم أرَ أحَدًا، ولَم أسْمَعَ جَوَابًا حتَّى كَرَّرها، فأجَبْتُ وقُلتُ: يا رَبّ، بالتَّصْدِيقِ والإيْمانِ، ثُمَّ قُلتُ: يا ربّ، لم أَزْنِ قَطُّ، ولَم أسْرِق، ولم أقْتُل نَفْسًا، فسَمِعْتُ النِّدَاءَ: إنِّي أغْفر لكم ما دونَ الكَبَائر.
أبو الفَرَج العِجْليُّ الكَاتِبُ
أنْبَأنَا أبو حَفْص المُؤدِّبُ، عن أبي القَاسِم بن السَّمَرْقَنْديّ، قال: أنْبَأنَا أبو يَعْقُوب الأدِيْبُ، قال: أخْبَرَنا أبو مَنْصُور الثَّعالِبيّ، قال:[. . .] (a).
(a) بياض في الأصل قدر أربعة أسطر، وجاء النص متصلًا في م، وقد ترجم له الثعالبي في اليتيمة ١: ١٠٦ - ١٠٧، وأورد له نماذج من شعره، وما أورده الثعالبي يزيد على الحيز الذي أبقاه المؤلف، ويصعب تقدير ما كان في نيتة انتخابه من كلام الثعالبي، ونص كلام الثعالبي: "أبو الفَرَج العِجْليِّ الكَاتبُ، أنْشَدَني أبو بَكْر الخَوارزْمِيِّ له أبْياتًا تعجب من سَلَاستها، وسُهُولة مأخَذها، وعذُوبَة ألْفاظها، وذَكَر أَنَّهُ من أفْرَاد مَطْبُوعي تلك البِلَاد، فمنها قَوْله: [من المتقارب] أقُول له يا مُذِيْقي الهَوى … سَألتكَ باللَّه لا تدْنني ملَكت فؤادي فعَذَّبته … ولَم أكُ فيما مَضَى ذُقته إلى أجَل ما دَنَا وَقْته … ولو أنَّهُ في يَدي صُنْته ومنها قَوله: [من الكامل] أرسَلْت نَظْرة وَامِق لك خَائف … وجعلت أوهِم أنَّ قَلْبِي مضْمر من عَيْن وَاش لَحْظه ما يفتر … شَيئًا سوَى نظري وأنتَ المُضْمر ومنها قوله: [من الخفيف] وأُريه أنِّي سَلَوت وإنِّي … وهَوَاه يدبّ في كُلِّ قَلْب لمَشُرق واللَّه صَبٌّ إليه … كدَبِيْب السَّوَاد في عَارِضَيه ومنها قَوْله، وأنْشَدنيه غيره: [من الوافر] عِذَار كالطّرَاز على الطّرَاز … ولو جَازَ السُّجُود له سَجَدْنا وبَدْر في الحَقِيْقة لا المَجَاز … ولكن ليسَ ذاك بمُسْتَجاز