فاشرَبْ على بُعْدِ الأحِبَّةِ آنِفًا (a) … حُزْنَ (b) المَنِيَّةِ ظَاعِنين وخُفَّضَا
ولقد جريتُ مع الصِّبَا طَلْقَ الصّبا … ثُمَّ ارعَويْتُ فلم أجدْ لي مَرْكَضَا
وعَلِمتُ ما عَلِمَ امْرُؤٌ من (c) دَهْره … فأطَعْتُ عَاذلتي (d) وأعْطَيْتُ الرِّضَا
وصَحَوتُ من سُكْرِي وبتُّ مُوَكَّلًا … أرْعَى الحَمَامَةَ والغَزَال (e) الأبْيَضا
ولرُبَّ سَارِيَةٍ (f) تجُودُ بمَائها … وكذاك لو صَدَق الرَّبيْعُ لروَّضَا (g)
ومَنِيعَة المَرْقَى بَذَلتُ (h) لها الهَوَى … إمَّا مُكَفأةً وإمَّا مُقْرَضَا
أيَّام يَسْحَرني الكتابُ إذا أتَى … وأظلّ منها بالحَدِيْثِ مُمَرّضَا
باعَدْتُها لتزِيدَني من وُدِّها … فأبَتْ فكُنْتُ من الإباءِ مُحَرَّضَا (i)
وتخَوَّفتْ هَجْري وليسَ بكَائن … فشَكَت إلى الجِيْرَان شَكْوى مرمضَا
حتَّى إذا شربَتْ مياهَ مَوَدَّتي … وشَرِبْتُ برد شَرَابها متبرضَا
قالت لأختَيْها (j) اذْهَبا فتَجَسَّسا (k) … ما باله ترك السَّلام وأعْرَضَا
قد ذقْتُ أُلْفتَهُ وذُقْتُ فِرَاقَهُ … فوجَدْتُ ذا عَسَلًا وذا جَمْرُ الغَضَا
وَيْلي عليهِ ووَيْلَتي (l) من بَيْنِه … كان الّذي قد كانَ حُلْمًا (m) فانْقَضَى
سُبْحَانَ مَنْ خَلَق (n) الشَّقَاءَ لذي الهَوَى … ما كان إلَّا كالخِضَاب قد انْقَضَى
أبو اللَّيْث الخُرَاسَانيُّ
كان من العُبَّادِ بطَرَسُوس، لقيَهُ إبراهيم بن مَخلَد الوَاسِطِيّ بطَرَسُوس، وحَكَى عنه.
(a) الديوان: على تلف الأحبة إننا.
(b) الديوان: جزر.
(c) الديوان: في.
(d) الديوان: عُذَّالى.
(e) الديوان: والغراب.
(f) الديوان: ما كل بارقة.
(g) الديوان: فروضا.
(h) الديوان: ومنيفة شرفًا جعلتُ.
(i) لم يرد هذا البيت والذي يليه في الديوان.
(j) الديوان: لتربيها.
(k) الديوان: فتحسسا.
(l) م: وويلي.
(m) الديوان: حكما، وهو في الديوان عجز للبيت بعده.
(n) الديوان: كتب.