حَلَب، وهذا رَجُلٌ أدِيبٌ مُفَنَّنٌ، وكان قد وَصَلَ إلى مِصر لأَجْل ما جَرَى بينَهُ وبين عَزِيز الدّوْلَةِ (a)، وشَكْوَاهُ لأَمِير المُؤْمنِيْن الحَاكِم بأمْرِ الله سَلَامُ اللهِ عليه، فكَتَبَ إليَّ (b) : [من الوافر]
إلى المُخْتَارِ أشْكُو ما أُلَاقِي … مِنَ المَطْل (c) المُقَرْمِطِ والنِّفَاقِ
لأنَّ الحاكِمَ المَوْلى إمَامِي … حَبَاني منهُ بالنِّعَمِ الوِثَاقِ
وقال لمَعْشرِ الكُتَّابِ مَشُّوْا … أُمُورَ العَبْدِ حُبًّا لانْطَلَاقي
فما فَعَلُوا ومَشَّوْني طَوِيْلًا … إلى أنْ صِحْتُ مِن أَلَمٍ بسَاقي
وأظْهَرَ بعْضُهُم حَسَدًا وشَرًّا … يدُلُّ على الْتِهَابٍ واحْتِرَاقِ
فلو أنِّي اسْتَحِلُّ لما اسْتَحَلُّوا (d) … سَبقتُ بكَشْفِهِمْ سَبْقَ العِتَاق (e)
ولكنِّي رَجَعْتُ إلى أُصُولٍ … تَنَزَّهُ عن قَبِيْحٍ واخْتِلَاقِ
فذكِّرْ حَضْرَةً تَشْفِي غَلِيْلي … وتُسْعِدُني وتُطْلِقُ من رِبَاقي
ويُغْنِينِي بحُسْنِ الرَّأْي مِنْها … عَنِ القَوْم الّذين نَوَوْا شِقَاقي
فما لي غَيْرُ خَيْرِ الخَلْق جَمِيعًا … أَمِيرِ المُؤْمنِيْنِ لَدَى اعْتِيَاقِي
يُزِيلُ صُعُوبَةَ الأوْقَاتِ عنِّي … بإفْضَالٍ على الأيَّام بَاقِ
سَلَامُ اللهِ في شَرْقٍ وغَرْبٍ … عَلَيهِ ورَحْمَةٌ ذاتُ اتِّسَاقِ
القَاف
القُشُيْرِيُّ المَغْرِبيُّ
رَجُلٌ فَاضِلٌ، أدِيبٌ، عَارِفٌ بالحِسَاب، من أهْل المَغْرب. قَدِمَ حَلَبَ، ونَزَل بها بالمَدْرَسَةِ النُّورِيَّة الحَلاويَّة، وكان يُلقَّب تَقِيّ الدِّين.
(a) م: "عز الدَّوْلَة". وهو الأمير عزيز الدَّوْلَة فاتك بن عبد الله الرومي (ت ٤١٣ هـ).
(b) في م: يقول.
(c) ساقطة من م.
(d) كتب ابن العديم في هامش الأصل: "أُحِلِّل ما أحلُّوا؛ أحسن".
(e) م: العناق.