للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعْتُ الأصْمَعِيّ يَقُول: أرْجَفَ النَّاسُ بمَوتِ الحَجَّاج، فخَطَبَ فقال: إنَّ طَائفةً من أهْلِ العِرَاق وأهْل الشِّقَاقِ والنِّفَاق نَزغ الشَّيْطان بينهم، فقالُوا: ماتَ الحَجَّاج! وماتَ الحَجَّاجُ، فَمَهْ؟ وهل يرجُو الحَجَّاجُ الخَيْرَ إلَّا بعد المَوْت!؟ والله ما يَسُرُّني إلَّا أنْ أَمُوت وأنَّ لي الدُّنْيا وما فيها، وما رأيْتُ اللهَ رَضِي التَّخْلِيْدَ إِلَّا لأهْوَن خَلْقه عليه؛ إبْلِيْس، حيث قال: {إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} (١)، فأنْظَرَهُ إلى يَوْم الدِّين، ولقد دَعَا اللهَ العَبْدُ الصَّالِحُ فقال: {هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} (٢)، فأعْطَاهُ ذلك إلَّا البَقَاء، فما عَسَى أنْ يكون أيُّها الرَّجُل؛ وكُلُّكُم ذلك الرَّجُل، كأنِّي واللهِ بكُلِّ حَيٍّ (a) منكم مَيِّتًا، وبكُلِّ رَطْب يَابِسًا، ثُمَّ نُقِلَ (b) في ثِيَاب أكْفَانهِ إلى ثلاثة أذْرُع طُوْلًا في ذِرَاعٍ عَرْضًا، فأكلَت الأرْضُ لَحْمَهُ، ومَصَّتْ صَدِيْدَهُ، وانْصَرف الحَبِيْبُ من وَلده يَقْسِم الحَبِيْبَ من مَاله، إنَّ الّذين يعقلُونَ يَعْقلون ما أقُول، ثمّ نَزَل.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الغَنِيّ بن سُلَيمان بن بَنِيْن بالقَاهِرَة، قال: أخْبَرَنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن حَمْد بن حَامِد، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليِّ بن الحُسَين الفَرَّاء في كتابه، عن أبي إسْحَاق الحَبَّال، وخَدِيجَة المُرَابِطَة -قال الحَبَّال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ الجَبَّار بن أحْمَد بن عُمَرَ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر الحَسَن بن الحُسَين بن بُنْدَار، وقالت خَدِيجَة: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أحْمَد بن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار، قال: حَدَّثَنِي جَدِّي أبو الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن بُنْدَار -قالا: حَدَّثَنَا مَحْمُود بن مُحَمَّد الأدِيْبُ، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن بن بَيَان، قال: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بن سَوَّار، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر الهُذَلِيّ، قال: مرضَ الحَجَّاج، فقال النَّاس: ماتَ. فأفاقَ


(a) الدينوري: جزء.
(b) الدينوري: ينقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>