للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَزْمَ السَّلَمَة، ولأضْربنَّكُم ضَرْبَ غَرَائِب الإِبِل، فإنَّكُم لكأهْلِ {قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} (١)، وإنِّي والله ما أقُول إلَّا وفَيْتُ، ولا أهُمّ إلَّا أمْضَيْتُ، ولا أخْلقُ (a) إلَّا فرَيْتُ.

وإنَّ أَمِير المُؤْمنِيْن أمَرَني بإعْطَائكُم، وأنْ أُوَجِّهَكُم لمُحَارَبَةِ عَدُوِّكم مع المُهَلَّب بن أبي صُفْرَة، وإنِّي أُقْسِم باللهِ لا أجدُ رَجُلًا تخلَّفَ بعد أخْذِ عَطَائهِ بثلاثهِ أيَّام إلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ.

يا غُلَام، اقْرأ عليهم كتابَ أَمِير المُؤْمنِيْن، فقَرَأ:

بِسْمِ الله الرَّحْمن الرَّحِيْم

من عَبْدِ اللهِ عَبْد المَلِك، أَمِير المُؤْمنِيْنَ، إلى مَنْ بالكُوفَة من المُسْلمِيْن، سَلَامٌ عليكم.

فلَم يَقُل أحَدٌ شيئًا، فقال الحَجَّاجُ: اكْفُفْ يا غُلَام، ثمّ أقْبَل علي النَّاسِ، فقال: أسَلمّ عليكم أَمِيرُ المُؤْمنِيْن فلم تَردُّوا عليه شيئًا؟ هذا أدَبُ ابن نُهَيّة (b)، أمَا والله لأؤدِّبَنَّكُم غير هذا الأدَب، أو لتَسْتَقِيمُنًّ، اقرأ يا غُلَامُ كتابَ أَمِير المُؤْمنِيْن، فقَرأ، فلمَّا بلغَ إلى قَوْله: سَلَامٌ عَليكم، لَم يَبْقَ في المَسْجِد أحَدٌ إلَّا قال: وعلى أَمِير المُؤْمنِيْن السَّلام.

ثمّ نَزَل، فوَضَعَ للنَّاس أُعْطياتهم، فجعلُوا يأخُذُونَ حتَّى أتاهُ شَيْخٌ يَرْعشُ كِبَرًا، فقال: أيُّها الأَمِيرُ، إنِّي من الضَّعْفِ على ما تَرَى، ولي ابنٌ هو أقْوَى على


(a) الأصل: أحلق، والتصويب من ابن عساكر وبقية المصادر التي أوردت الخطبة.
(b) الضبط من ابن ماكولا في الإكمال ١: ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>