أخْبَرَنا أبو الحَجَّاج يُوسُف بن خَلِيل بن عَبْد اللّه، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم يَحْيَى بن أَسْعَد بن بَوْش، قال: أخْبَرَنا أبو العِزّ بن كَادِش، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الجَازِرِيّ، قال: أخْبَرَنا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء القَاضِي (١)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القَاسِم الأنْبارِيّ، قال: حَدَّثَني أبيّ، قال: أخْبَرَني أحْمَدُ بن عُبيد، عن أبي عَبْد اللّه مُحَمَّد بن زِيَاد الأعْرَابِيّ، قال: بَلَغَني أنَّهُ كان رجُل من بَني حَنِيْفَةَ يُقالُ له جَحْدَر بن مَالِك، فتَّاكًا شُجَاعًا، قد أغارَ على أهْل حَجْر (a) ونَاحِيَتها، فبلغَ ذلك الحَجَّاجَ بن يُوسُف، فكَتَبَ إلى عَامِلِهِ باليَمَامَة يُوَبِّخُهُ بتَلَاعُب جَحْدَر به، ويَأمرُه بالاجْتهادِ (b) في طَلَبهِ والتَّجرُّدِ في أمْره، فلمَّا وَصَل الكتابُ إليهِ، أرْسَل إلى فتْيَةٍ من بني يَرْبُوع من بني حَنْظَلَة، فجعَل لهم جُعْلًا عَظيْمًا إنْ هم قتلُوا جَحْدَرًا، أوَ أتَوا به أسِيْرًا، فانْطَلق الفتيَةُ، حتَّى إذا كانوا قريبًا منه أرْسَلُوا إليهِ أنَّهم يُريدُونَ الانْقِطَاعَ (c) إليهِ والتَّحَرُّزَ بهِ، فاطْمأنَّ إليهم، ووَثق بهم، فلمَّا أصَابُوا منه غِرَّة، شَدُّوهُ كِتَافًا وقَدِمُوا به على العَامِل، فوَجَّهَ به معهم إلى الحَجَّاج، وكَتَبَ يُثْنِي عليهم خَيْرًا، فلمَّا أدْخِلَ على الحَجَّاج قال له: مَنْ أنتَ؟ قال: أنا جَحْدَرُ بن مالك، قال: ما حَمَلَكَ على ما كان منك؟ قال: جُرْأة الجَنَانِ، وجَفَاءُ السُّلْطان، وكَلَب الزَّمان! فقال له الحَجَّاجُ: وما الّذي بلغَ منك فيَجْتَرئ جَنَانُكَ،
(a) جوَّده المؤلِّف بضم أوله في الشعر الآتي، وورد في كتاب الجريري والأخبار الموفقيات بفتح أوله وسكون ثانيه، وحُجْر - بالضم - قرية باليمن، وحَجْر بالفتح: باليمامة وهي أمّ قُراها وبها منزل الواليّ، ذكرهما ياقوت (مُعْجَمُ البلدان ٢: ٢٢١، ٢٢٣) وأورد حكاية جحدر باقتضاب مع بعض شعره في كلامه على حَجْر التي باليمامة. (b) الجليس الصالح: الإجداد، ابن عساكر: الإجهاد. (c) ابن عساكر: الاستمتاع.