ثُمَّ التَفَتَ إلى أهْلِ الشَّام، فقال: يا أهْلَ الشَّامِ، إنَّما أنا لكم كالظَّلِيْم الرَّامِح عن فراخِهِ، يَنْفي عنها القَذَر (a)، ويُبَاعِدُ عنها الحَجَرَ، ويُكِنُّها من المَطَر، ويَحْمِيها من الضِّبَاب، ويَحْرسُها من الذِّئابِ.
أخْبَرَنا أبو الوَحْش عبد الرَّحْمن بن أبي مَنْصُور الدِّمَشقيّ إذْنًا ولَقِيتُه بدِمَشْق، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن (١)، قال: أنْبَأنَا أبو الفَرَج غَيْثُ بن عليّ. وحَدَّثَني أبو إسْحَاق إبْراهيمِ بن طَاهِر الخُشُوعِيّ عنه، قال: أخْبَرَنا مُشَرَّف بن عليّ بن الخَضِر بن التَّمَّار إجَازَةً، قال: أخْبَرَنا أبو خَازِم (d) مُحَمَّد بن الحُسَين بن مُحَمَّد بن خَلَف، قال: قَرَأتُ على مُحَمَّد بن أحْمَد بن القَاسِم الضَّبِّيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَدُ بن كَامِل، قِراءَةً عليهِ، قيل له: حَدَّثكُم أبو العبَّاس مُحَمَّد بن يَزِيد المُبَرَّد (٢) -قال ابنُ كَامِل: وأنا أشكُّ في سَمَاعهِ- قال: حَدَّثَني التَّوَّزِيّ في إسْنَادٍ ذَكَرهُ وآخرُه عَبْد المَلِك بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ، قال: بينا نحنُ بالمَسْجِد الجامع بالكُوفَة، وأهل الكُوفَة يَوْمئذٍ ذوو حالٍ حَسَنة، يَخْرُج الرَّجُل منهم في العَشَرة والعِشْرين من مَوَالِيهِ، أتانا آتٍ فقال: هذا الحَجَّاجُ قد قَدِمَ أمِيْرًا على العِرَاق، فإذا به قد دَخَل المَسْجِد مُتَعمِّمًا بعِمَامَة قد غَطَّى بها أكْثَر وَجْهِهِ، مُتَقلِّدًا سَيْفًا، مُتَنكِّبًا قَوْسًا، يَؤمّ
(a) ابن عساكر: القذف. (b) ابن عساكر: نذب. (c) الجريري: البيضة. (d) في تاريخ ابن عساكر: أبو حازم، وانظر ترجمته في تاريخ بغداد ٣: ٤٩.