أيسُوْمُ حِلْمَكَ وَهْوَ خَيْرُ … حِبَالِهِ شِرْكًا مع الهَضَبَاتِ في زِلْزَالهِ
وقَدِ امْتَراكَ فما سمحْتَ بدَمْعَةٍ … لمُفَجِّرِ الجلُودِ عن سَلْسَالهِ
إنْ تَصْطَبِرُ فالمجدُ أوَّلُ جازعٍ … أو تَسْلُ فالعَلْيَاءُ آخِرُ وَالِهِ
وعلى النُّجُوم كآبةٌ مِن فَقْدِها … قَمَرًا أضرَّ بهنَّ قبلَ كَمَالِهِ
جَذِلَتْ به الأحْسَابُ قبلَ رِضَاعِهِ … ورَجَاهُ قَوْلُ الفَصْلِ قبلَ فِصَالهِ
وتَخيَّرتْ فِقَرُ الكَلَام نُفُوسَهَا … رصَدًا لبدْعِ مَقَالِهِ وفَعَالِهِ
أَمَلٌ فُجِعْتَ بهِ ويُنْفقُ حازمٌ … أيَّامَهُ سَرفًا على آمَالِهِ
ورزيتَ عِلْقَ مضِنَّة لو أنَّهُ … للدَّهْر ما خَطَرَ السُّلُوُّ ببَالِهِ
مضَت المُلُوكُ وخلَّفَتَكُمُ في العُلَى … عقْبًا يسُوءُ اللَّيْث في أَشْبَالِهِ
وإذا انْتَمَيْتَ فكم صَريْحةُ ماجدٍ … تُبْدِي بُطُونُ الأرْض من أوْصَالِهِ
لا تبدلُ المَوْتَى شَرِيْفَ جوَارِهِ … بالعَيْشِ مُؤْتنِفًا رفيفَ ظِلَالِهِ
وقال أبو مُحَمَّد الخَفَاجيِّ: أنْشَدَنا الأُسْتَاذُ أبو نَصْر المَنَازِيّ لنَفْسِه، وقَدِمَ حلَبَ في سَنَة سَبع وثَلاثين وأرْبَعِمائة في (a): [من الوافر]
لقد عَرض الحَمَامُ لنا بسَجْع … إذا أَصْغَى له رَكْبٌ تَلاحَى
صَحَا قلبُ الخَليّ فقال غنَّى … وبَرَّح بالشَّجيِّ فقال: نَاحَا
وكَمْ للشَّوْق في أحْشَاء صَبٍّ … إذا انْدَمَلتْ أجَدَّ لها جِرَاحَا
ضَعِيْف الصَّبْر فيكَ وإن تَقَاوَى … وسَكْران الفُؤَاد وإنْ تَصَاحَى
كذاكَ بنو الهَوَى سكْرى صُحَاةٌ … كأحْدَاق المَهَا سَكْرى (b) صِحَاصَا
(a) بعده في الأصل: لنفسه، وضبب عليها لوقوع التكرار، وانظر الأبيات في الوافي بالوفيات ٨: ٢٨٦، وعقود الجمان للزركشي ورقة ٤٠ ب.
(b) الوافي وعقود الجمان: مرضى.