ولا حَلَّ في حَيٍّ تلُوْحُ قِبَابُهُ … ولا سَارَ في رَكْبٍ يُسَاقُ وَسِيْقُهُ
ولا باتَ صَبًّا بالفُرَيْق وأهْله … ولكن إلى خَاقَان يُعْزَى فَريْقُه
لهُ مَبْسِمٌ يُنْسِي (a) المُدَامَ بَريقِهِ … ويُخجِلُ نُوَّارَ الأقاحيْ بَريْقُهُ
تَدَاويْتُ من حَرِّ الغَرَام ببَردهِ (b) … فأضْرم من ذَاك الحَرِيق رَحيْقُه
إذا خَفَق البَرْقُ اليَمَانِيُّ مَوْهنًا … تذكّرتُه فاعْتَادَ قَلْبي خُفُوقُهُ
حَكَى وَجْهَهُ بَدْرَ السَّماءِ فلو بَدَا … مَعَ البَدْر قال النَّاسُ هذا شَقِيْقُهُ
وأشْبَهَ زَهْرَ الرَّوْضِ حُسْنًا وقد بَدَا … على عَارِضَيْهِ آسُهُ وشَقِيْقُهُ
رآني خَيَالًا حين وَافَى خيالُهُ … فأطْرَقَ من فَرْط الحَيَاء طَرُوْقُه
وأشبَهْتُ منه الخَصْرَ سُقْمًا فقد غَدَا … يُحَمِّلُني كالخَصْر (c) ما لا أُطِيْقُهُ
فما بَالُ قَلْبي كُلُّ حبٍّ يُهِيْجهُ … وحتَّام طَرْفي كُلّ حُسْنٍ يروْقُهُ
فهذا ليَوْم البَيْن لم تَطْفَ نَارهُ … وهذا فبَعْد البُعْد ما جَفَّ (d) مُوْقُهُ
ولله قَلْبي ما أشَدَّ عَفَافَهُ … وإنْ كان طَرْفي مُسْتَمِرًّا فُسُوْقُهُ
أرَى النَّاسَ أضْحَوا جَاهِلِيَّةَ وُدِّهِ … فما بَالُهُ عن كُلِّ صَبٍّ يَعُوْقُهُ (e)
فما فاز إلَّا من يَبيتُ صَبُوحَهُ … شَرَابُ ثَنَاياهُ ومنها غَبُوقُهُ
وأنْشَدَنا أبو الطَّيِّب بن الحَلَاوِيّ لنَفْسِه (١):
ألفَ الملَالَ وَمَالَ عن ميثَاقهِ … رَشَأً فِرَاقُ النَّفْس دونَ فِرَاقهِ
عَذْبُ اللّمى حُلْوُ الخِلَالِ كأنَّما … خُلقَتْ مَراشفُ فيْهِ من أخْلَاقهِ
جَوَّال حَلْي الخَصْر أخْرَسَ صَدَّهُ (f) … عن ذِكْرِه السُّلوانَ نُطْقُ نِطَاقهِ
(a) ابن الشعار يسبي.
(b) ابن الشعار: بثغره.
(c) ابن الشعار: كالحصر، ابن دقماق: في الحب.
(d) الأصل: حف.
(e) ابن الشعار: قلب معوقه.
(f) ابن الشعار: صبَّه.