وخَرَجَ عن حَلَب إلى بلدهِ، وتَوَجَّه إلى بَغْدَاد، وامْتَدَح الإمَام المُسْتَنْصِر أبا جَعْفَر المَنْصُور أَمِير المُؤمِنِين رَحِمَهُ اللهُ، ثمّ عاد إلى المَوْصِل وأقام بها، وأجْرَى له أميرها بَدْر الدِّين لُؤْلُؤ جَاريًا حَسَنًا، واجْتَمَعْتُ به فيها، وأنْشَدَني مَقَاطِيع من شِعْره، وكان حينئذٍ قد غَيَّر مَلْبُوسَهُ وتَزَيَّا بزيّ الأجْنَاد، وكان اجْتِمَاعي بهِ بالمَوْصِل بمَشْهَد البَرَمَةِ يَوْم التَّاسِع من مُحَرَّم سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وستَّمائة.
أنْشَدَنا شَرَف الدِّين أبو الطَّيِّب أحْمَد بن مُحَمَّد بن أبي الوَفَاء المَعْرُوفُ بابنِ الحَلَاوِيّ لنَفْسِه بالمَوْصِل من لَفْظه (١):
حَكَاهُ من الغُصْن الرَّطِيْب وَرِيقُهُ … وما الخَمْرُ إلَّا وَجْنَتَاهُ ورِيْقُه
هِلَالٌ ولكن أُفْقُ قَلْبي مَحَلُّه … غزَالٌ ولكن سَفْحُ عَيْني عَقيْقُه