ثمَّ إنَّ المَلِك الظَّاهِر، رَحِمَهُ اللهُ، طَلَبَ عَوْدِه من وَالدِي، رَحِمَهُ اللهُ، فسَار - كُنْتُ صُحْبَتهُ - إلى حَمَاة، وأَعادَهُ إلى حَلَب المَحْرُوسَة؛ إلى مَنْصبِهِ" (١).
"قَرأتُ عليهِ الفِقْه على مَذْهَبِ الإمام أبي حَنِيْفَة رَضِي اللهُ عنه، وشَيئًا من الحَدِيثِ. وسَمِعْتُ منه أشْياء من المُذَاكَرة، وأجازَ لي رِوَاية مَسْمُوعاته ومَرْويَّاته" (٢).
"وكانت وَفاته، رَحِمَهُ اللهُ، لَيْلة سَبْع وعِشْرين من شَهْر رَمَضان، من سَنَة أرْبَع عَشرة وستِّمائة فجأةً. وكانَ قد اسْتَدعَى فُقَهاء المَدْرسَة، في تلكَ اللَّيْلة على عادَتهِ في شَهْر رَمَضان للإِفْطَار على مَائدتِهِ، وأكَلُوا وخَرَجوا عنه. ثُمّ صَلَّى العِشَاءَ الآخرة والتَّرَاويْح، وسَجَدَ وحَضَرتهُ الوَفاة فلم يَتَكلَّم بشيءٍ، إلى أنْ مات، واسْتُدْعِيتُ إليه، وهو في الحيَاة، فلم يَزَل إلَّا يَسِيْرًا حتَّى مات، ودُفِنَ صَبِيْحة تلك اللَّيْلة، بتُرْبَتنا بمَقامِ إبْرَاهيم عليه السَّلام إلى جانِب وَالدِي، رَحِمَهما اللهُ" (٣).
"قال القاضِي، أَيَّدَهُ اللهُ تعالَى، وممَّا أنْشَدني القاضِي أبو عَبْد الله لنَفْسهِ (٤): [من الطويل]
أشَدُّ المُحبِّيْنَ اشْتِيَاقًا ووَحْشَةً … لمَحْبُوْبِهِ صَبٌّ يَبِيْتُ على وَعَدِ
يَخَافُ اجْتِنَابًا وَاضِعًا عن تَعَمُّدٍ … وأصْعَبُ ما كان التَّجَنُّبُ عن عَمْدِ
وقد كان يَرْجُو قَبْلَ ذلك وَصْلَهُ … ويَحْسَبُ أنَّ الهَجْرَ ما كانَ عن قَصْدِ