كيفَ السُّلُوُّ وفي الحَشَا نَار الأَسَى … تَزْدَاد بينَ تَضَرُّم وتَوَقُّدِ
عَهْدِي بهم والعَيْشُ غَضٌّ جَامِعٌ … شَمْل الوِصَالِ ولَمْ يكُن بمُبَدَّدِ
فأزَاحَ صَرْفُ الدَّهْر حتَّى صُبْحُنا … لَيْلٌ وحتَّى ليلُنا بالسَّرْمَدِ
وإذا الفَتَى قحطَتْ به أيَّامُهُ … لَم يُرْضِهِ فِعْلُ الزَّمانِ الأَنْكَدِ
يُمْسِي ويُصْبح في اكْتِئاب مُمرَّضٍ … يرنُو إلى الدُّنْيا بعَيْنَي أرْمَدِ
وكَثِيْر أيَّام الحَيَاةِ أقَلُّ من … أنْ يُبْتَلَى بتَفَرُّق وتبعُّدِ
ورَكائبٍ خَلَّفْتُها دُلْج السُّرَى … واللَّيْلُ في لَوْن الغُدَافِ الأسْوَدِ
والنَّجْم في أرْجَائهِ مُتَحيِّرٌ … عَانٍ كتَحْيير الضَّرِيْر المُقْعَدِ
أطْوي بها أجْوَاز كُلّ تَنْوفَةٍ … قَفْرٍ وأقْطَعُ كُلّ خَرْق فَدْفَدِ
حتَّى أنَختُ بباب عِزّ المُلْكِ في … نِعَم تَزِيْدُ على النَّعِيم الأرْغَدِ
مَلِكٌ إذا اسْتَمْطَرَتَ مُزنَ بنَانِهِ … جَادَت يَدَاهُ بمُزْن بَرْقٍ مُرْعدِ
وَرِثَ المَعَالِي عن أَبِيهِ وجَدِّه … فجَرَى طَرِيفًا في الأنَامِ بمتْلدِ
قَوْمٌ تردَّوا بالمَكَارِم واكْتَسَوْا … حُلَل الرِّئَاسَةِ بالأَغَرِّ الأمْجَدِ
أمْوَالُهُمْ مَبْذُولةٌ لعُفَاتِهم … ودِيَارُهُمْ لوفُوْدِهم كالمَسْجِدِ
حَرَمٌ تحرَّمَتِ الوُفُودُ بَرَبْعِهِم … فسَما إليهِ بمُقْسم ومُؤكَّدِ
الوَاهبُونَ تكرُّمًا أمْوَالَهُم … والمُجْزْلُونَ حبَا الوُفُود الوُفَّدِ
والمُطْعِمُونَ إذا المَرَابِعُ أمْحَلَتْ … والوَاهِبُونَ لِكُلِّ مَا لَم يُوْجدِ
والقَائِمونَ بكُلِّ حدٍّ وَاجب … والصَّافُحونَ عن المُسِيء الأعْتَدِ (a)
والضَّارِبُونَ إذا الكَتِيْبَة أحْجَمَتْ … رَأس المُتَوَّج في العِجَاجِ الأرْبَدِ (b)
وإلى جُدُودكَ يَنْتَمِي كَرَمُ الوَرَى … وإليكَ مقْصَد كُلّ سفَرٍ مُنْجِدِ
(a) م: المعتد.
(b) م: الأريد.