رَجُلٌ من أهْلِ أنْطَاكِيَة بأنْطَاكِيَةَ (a)، قال: لمَّا مَرَّ بنا المَأْمُونُ غَازِيًا بلاد الرُّوم نَزَل بكَوْكَبا، وهي قَرْيَةٌ من قُرَى أنْطَاكِيَة، فنَظَر إلى زَيْتُون حَامِلٍ وإلى كُرُوم كذلك، قال: لمَن هَذا؟ فقالوا: لرَجُلٍ من أهْل كَوْكَبا يُقال له: ابن طُلَيْب، فقال: لعَلَّهُ صَاحِب الشِّعْر الّذي يقول: [من المنسرح]
قالوا: نَعَم يا أَمِير المُؤْمنِيْن، قال: وما فَعَل؟ قالوا: شَيْخٌ كَبِيرٌ في مَنْزِله (b)، قال: آتُوني به، فجاؤوا به، فلمَّا مَثل بينَ يَدَيْهِ، قال: أنْشَدَني شِعْرك، فأنْشَدَه، قال:[من المنسرح]
غُشَّ بنى آدَمٍ فكُلُّهُمُ … للَّهِ عَاصٍ وكُنْ لهُمْ دَغِلَا
وكُلْ بضِرْسٍ وطَا الأنامَ بظِلْـ …
فٍ تأْتِ حَزْمًا وتُحْكِمُ العَمَلا لا تَحْفُ بالنَّازِلِ المُقِيْمِ ولا … تَبْكِ على ظَاعنٍ إذا رَحَلَا مَنْ غابَ أو حَالَ عن مَوَدَّتِهِ … فخَلِّ عنه واطْلُبْ بِهِ بَدَلا ولا تَقُلْ أحفَظُ الذِّمَامَ ولا … أنْسَى فُلَانًا وحُسْنَ ما فَعَلَا انْسَ أباكَ المَفْرُوضَ طَاعتُهُ … عَلَيْكَ فيما يُحْيي لَكَ الأمَلَا ومِلْ مَعَ الرِّيح مَيْلَ مُنْتَقلٍ … عن كَدَرِ العَيْشِ وَابْتَغِ الدُّوَلَا وكُنْ مِنَ النَّاسِ مِن أبيْكَ فلا … أقْرَبَ مِنهُ مُسْتَوحشًا وجَلا إنْ مُسْتَشيرٌ أتَاكَ مُنْتَصحًا … فامْدُد له كيف ما اشْتَهي الطّولا خَلِّطْ على النَّاسِ يَنْسُبُوكَ إلى الـ … ـــظَّرف وشَتِّتْ عليهِمُ السُّبُلَا قَدِّم وأَخِّرْ واسْلُكْ بِهِمْ طُرقًا … يَلْقَوْنَ فيها العِثَارَ والزَّلَلَا واسْقِهِمُ السَّمَّ إنْ ظَفِرْتَ بِهِمْ … وامْزُجْ لهُمْ مِن لِسَانكَ العَسَلا إنَّ رجَالَ الوَفَاءِ قد ذَهَبُوا … لأنَّ نَجْمَ الوَفَاءِ قَد أفَلَا