في أعْمَال سَيْف الدَّوْلَة، فقال لنا: قد عَرفْتُم ما كان منِ ناصِر الدَّوْلَةِ، فَمن حَضَرهُ في ذلك شيءٌ فليَقُلْ، فغَدَا الشُّعَراءُ عليه، فأنْشَدُوه، فسمعَ من كُلٍّ منهم، وقال: اسْمَعُوا إلى مَنْ اخْتَصَر واقْتَصَر، وأنْشَدَنا لنَفْسِه (١): [من الطويل]
تركتُ لك الكُبْرَى لتُدْركَ سَبْقَها … وقُلْتُ لهم بيني وبين أخي فَرْقُ
وما عاقَني عنها نكُولٌ وإنَّما … تَغاضَيْتُ عن حَقِّي فتمَّ لك الحَقُّ
ولَسْتُ أُبالي أنْ أجئَ مُصَلِّيًا … إذا كُنْت أهْوَى أنْ يكون لك السَّبْقُ
فاستحْسَنَّا ذلكَ ودَعَونا له.
وأنْشَدَني لنَفْسِه -يعني البَبَّغَاء أَنْشَد ابن نَصْر- في ذلك من قِطْعَة مِيْمِيَّة أوَّلُها (٢): [من الكامل]
في الحِلْم ما يَنْهَى ذَوِي الأحْلَام … عمَّا يُخَالفُ عَادِلَ الأحْكَام
قال فيها:
يا نَاظِري ويَعُزُّ أنْ أَقْذَى ويا … قَلْبي وكيفَ أَرُوْعُهُ بمَلَامِ
لأُعَاتبنَّكَ مُبْقِيًا مُسْتَصْلِحًا … قَبْلَ الظُّبَا بعِبَارَة الأقْلَامِ
أَسْخَطْتَ عَمْدًا في عقُوقي دَوْلةً … ثَبَّتُّها نَصْرًا بحُسْنِ قيَامِي
إنْ كُنْتَ ناصِرَها فإنِّي سَيْفُها … والقَتْلُ لا يرضَى بغير حُسَامِ
وبكفِّكَ الصَّمْصَامُ منِّي فارْعَهُ … حِفْظًا ولا تُخْدَعْ عن الصَّمْصَامِ
لك في الأباعدِ من عُدَاتك شَاغِلٌ … عمَّا تعُقُّ به ذَوي الأرْحَامِ
(١) الأبيات في يتيمة الدهر ١: ٣٣ (باختلاف في الرواية، منسوبة إلى سيف الدولة ابن حمدان)، والكامل لابن الأثير ٨: ٥٨٠ - ٥٨١، ووفيات الأعيان ٢: ١١٦.
(٢) لم يرد في ديوان الببغاء: لا في نشرة المطبعة الحميدية ولا في نشرة وولف.