القَاضِي يَمْدَحَهُ: [من الطويل]
غَزَاني غَزَالٌ باعْتِدَالٍ بقَدِّهِ … وحُسْنِ مَعَانِيْهِ وحُمْرَة خَدِّهِ
وأَمْرَض جِسْمي بالقَطِيْعَة والجَفَا … وما هكذا فعْلُ المَلِيْكِ بِجُنْدِه
وكيف اصْطِبَاري عنْهُ والقَلْبُ قد صَبَا … إليهِ وشَوْقي زائدٌ فَوْق حَدِّه
فإنْ لَم يُجِرْني بالرِّضَا من صُدُودِهِ … وإلَّا فإنِّي مَيِّتُ قَبْلَ صَدِّه
خَلِيليَّ ما لي من مُعِيْنٍ على الأَسَى … ولا مَنْ يُسَلِّيني بخَالصِ وُدِّه
ويُنْصفُني من صَرْفِ دَهْرٍ كأنَّني … جَنيْتُ عليه نَاقِضًا عَقْدَ عَهْدِه
سِوَى الحَاجِب النّدْبِ الجَوَادِ الّذي رَقَى … مَرَاتبَ مَجْدٍ قَابَلتْ شُهْبَ سَعْدِه
فذلكَ نَشْو الدَّوْلَةِ النَّاهِضُ الّذي … كَفَانا مُلِمَّاتِ الزَّمانِ بحَدِّه
وأوْسَعَنا من جُوْدِهٍ وعَطَائهِ … كَرَائمَ مَالٍ حَمْدُهَا بعضُ حَمْدِه
تراهُ إذا ما جِئْتَهُ مُتَطلِّبًا … عَطَايَاهُ يُبْدِي بشْرَهُ (a) عندَ وَفْدِه
فتَرجعُ مَمْلُوءَ الحقائبِ مُوقَرًا … عَطَاءً بلا منٍّ يُشَابُ برَفْدِه
فما حَاتِم جُوْدًا وكَعْبُ بن مَامَةٍ … ومَعْنُ النَّدَى إلَّا عَبِيْدٌ (b) لعَبْدِه
له شَرَفُ فَوْق السِّماكِ وهمَّةٌ … وعِلْمٌ (c) بإرْخَاءِ الزَّمان وشَدِّه
أخُو عَزَماتٍ قَاطِعَاتٍ كأَنَّها … حُسَام تَجَلَّى مَتْنُهُ بفِرِنْدِه
إذا الحَرْبُ دَارَتْ كان قطْبًا وأحْجَمَتْ … فَوَارسُ مَوْتٍ عايَنُوا هَوْلَ وِرْدِه
وثَارَ غُبَارُ النَّقْع لَيْلًا وَحُرِّقَتْ … قُلُوبٌ رَمَاها الخَوْفُ في حَرِّ وَقْدِه
تَرَاهُ يَخُوضُ المَوْتَ في غَمَراتهِ … يذبُّ بحدِّ السَّيْف عن نَيْل نَجْدِه
فلا زَالَ مَحْرُوسَ الجَنَابِ مُمَتعًا … مَدَى الدَّهْرِ ما غنَّى الحَمَامُ بوَجْدِه
(a) م: تندى نشره.
(b) م: عبد.
(c) ساقطة من م.