واتَّفقَ بعد ذلك ذلك نُزول الرُّوم على حلب، وأخذ المدينة في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، ففَنَى شجر الشُّربين لذلك، وكانت الوقعة بين سيف الدولة وبين الدُّمُسْتُق في هذه السنة في سفح بَانَقُوسَا، وسُمِّيَت وَقْعَة بَانَقُوسا، وقُتِل فيها جماعةٌ من أهلهِ وكُتَّابه؛ وكان عَسْكَره غائبًا مع نَجَا، واستولى الدُّمُسْتُق على حلب تسعة أيام، وسنذكر الوقعة فيما يأتي من كتابنا هذا في موضعها (١).
والحيَّاتُ الّتي ببَانَقُوسا قَوَاتِل لا يَسْلَم مَنْ لَدَغَتْهُ بل يَمُوتُ في الحال، وحَيَّاتٌ داخل المديْنَة لا تكادُ تَقْتُل أحدًا. وبين المَدِينَة وبين بَانَقُوسَا مِقْدَار شَوْط من جَرْي الفَرَس.
وقد ذُكِرَتْ بَانَقُوسَا كثيرًا في الشِّعْر، وقال الصَّنَوْبَريُّ في القَصِيدَة الجِيْميَّة بعد البيتَيْن الّلذين ذَكَرناهُما في جبل جَوْشَن (٢): [من المتقارب]
إلى بانَقُوساهُ تلك الّتي … حكَتْ راكبًا لاح من فَجِّهِ
لتَرْتاضَ نَفْسَك في رَوْضِهِ … ويمرجُ (a) طَرْفُكَ في مَرْجِهِ
وقال أبو عبادة الوليد بن عُبَيْد البُحْتُرِيّ (٣) يذكُرُ بَانقُوسَا و بَابِلَّي وبُطْياس: [من البسيط]