وخَلَّوْا بها كَسْبًا حوَوْهُ وأبْصَرُوا … سَلامَتَهُمْ منَّا أجَلَّ مكَاسِبَا
ورَحَل تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُش من جِبْرِين، وكان نَازِلًا بعَسْكَره عليها إلى دِمشق. ولمَّا جَرَى هذا الحادثُ، طَمعَ شَرَفُ الدَّوْلَة أبو المَكَارِمِ مُسْلِم بن قُرَيْش في الشَّام، وكَاتَبهُ سَابِق بن مَحْمُود يَبْذُل له تَسْليم حَلَب إليهِ، ووفَدت عليه بنو كِلَاب بأَسرْها، فتَوَجَّه إلى حَلَب، ونَزَل عليها في السَّادِس عَشر من ذِي الحِجَّة من سَنَة اثْنَتَيْن وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، فغُلِّقت أبْوَابُها في وَجْههِ، وكان عند سَابِق أخَواهُ شَبِيْب ووَثَّاب بحَلَب، فلم يُمَكِّناهُ من التَّسْلِيم، فلم يُقَاتلها، وأهْلها يَحْرصُون على التَّسْلِيم إليه لِمَا هُم فيه من الجُوع وعَدَم القُوْت، وسَلَّم البَلَد إليه وَلد الشَّريف الحُتَيْتيّ (c)، على ما نَذْكرهُ في ش تَرْجَمَةِ أبي المَكَارِم مُسْلِم بن قُرَيشْ (١)، فانْحَازَ سَابِق إلى القَلْعَة، وأخواهُ شَبِيب ووثَّاب في القَمْر لضِيْق القَلْعَة، وحَصَر (d) أبو المَكَارِم القَلْعَة إلى أنْ دَبَّر شَبِيْب ووَثَّاب وهُما في القَصْر على سَابِق، وقَفَزا في القَلْعَة، وصَاحَ الأجْنَاد بها: شَبِيْب يا مَنْصُور، وقُبِضَ سَابِق وحُبِسَ، وتَسَلَّم