إنْ كُنْتَ تَعْلم أنِّي قد دَفَعْتُ إليهِ اللُّؤْلُؤ، فأسْألُكَ أنْ أنالَها، قال: فنَالَها زِيادَة، قال دَاوُد: ما هذا؟ يَنَالُها الظَّالِم والمَظْلُوم! فأوْحَى اللَّهُ إليهِ: إنَّ اللُّؤْلُؤَ في العَصَاة (a) ورُفِعَتِ السِّلْسِلَة.
أخْبَرَنا أبو المَحَاسِن القَاضِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن عليّ بن يَاسِر قال: أخْبَرَنا الفَقِيهُ عَبْدُ الجَبَّار الخُوَارِيّ، قال: أخْبَرَنا عليّ بن أحْمَد الوَاحِدِيّ المُفَسِّرُ (١)، قال: قَوْلهُ: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ}(٢) قال مُقَاتِل: بَعَثَ اللَّهُ إلى دَاوُد مَلَكَين جِبْرِبل [ومِيْكَائيل] (b) ليُنَبِّهَهُ على التَّوْبَةِ، فأتَياهُ في المِحْرَاب، وهو قَوْلهُ {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}(٣).
قال مُحَمَّد بن إسْحَاق: بَعَثَ اللَّه إليهِ مَلَكين يَخْتَصمان إليهِ؛ مثلًا ضَرَبه اللَّهُ له ولصَاحِبهِ (c)، فلَم يُرَعْ دَاوُد إلَّا بهما وَاقفين على رَأسِهِ في مِحْرَابهِ، فقال لهما دَاوُد: ما أدْخَلكما عليَّ؟ فقالا: لا تَخَفْ، وهو قَوْلهُ:{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ}(٤) أي: نحنُ خَصْمَان {بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}(٥) فجئناك لتَقْضِي بيننا، وهو قَوْلهُ:{فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ}(٦)، يُقال: شَطَّ الرَّجُلُ وأشَطَّ شَطَطًا وإشْطَاطًا إذا جَار في حُكْمه وقَضيّته. قال المُفَسِّرون: لا تَجُر علينا {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}(٧): احْملنا على الحَقِّ ولا تُخَالف بنا غيره، فقال دَاوُد: تكلَّما، فقال أحَدُ المَلَكَين:{إِنَّ هَذَا أَخِي}(٨)، أي: على دِيْني {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}(٩) يَعْني: امْرأة، والنَعْجَةُ: البَقَرةُ الوَحْشِيَّةُ، والنَعْجَة يُكْنَى (d) بها عن المَرْأةِ، وتُشَبَّه النِّسَاءُ
(a) كذا في الأصل، وفوق التاء آخر الحروف علامة "صـ". (b) إضافة من تفسير الواحدي. (c) الواحدي: له وأصحابه. (d) الواحدي: والعرب تكني.