عَارًا يَبْقَى بمالٍ يَفْنَى، وإنِّي بجَزِيْل مال الأَمِير لَغِنيَّة. قال الأصْمَعِيُّ: فأمَرَ لها بعَشرة آلافِ دِرْهَمٍ.
قال القَاضِي (١): أمَّا قَوْلها: فما تَرَكَ لنا صَافنًا ولا مَاهِنًا، الصَّافِنُ: من الخَيْل - فيما ذَكَرَهُ أبو عُبَيْدَة - الّذي يَجْمعُ بينَ يَدَيْهِ وبين طَرف سُنْبُكِ إحْدى رِجْليهِ، والسُّنْبُكُ: مُقَدَّمُ الحَافِر، قال: وقال بعضُ العَرَب: بل الصَّافِنُ الّذي يَجْمَعُ يَديهِ، والّذي يَرْفَع طَرَفَ سُنْبُك رِجْلَيْهِ، وهو مُخِيم، يُقال: أخَامَ برِجْله. وقال الفَرَّاء: الصَّافِنَات فيما ذَكَرَ الكَلْبيّ بإسْنَادِه: القَائِمة على ثلاثٍ، وقد أنافَتِ (a) الأُخْرى على طَرَفَ الحَافِر من يَدٍ أو رِجْل، وهي قراءةُ (b) عَبْد الله {صَوَافن، فإذا وَجَبَت}(٢) يُريد: مَعْقُولةً على ثلاثٍ، وقد رأيْتُ العَرَب تَجْعَل الصَّافن: القَائِم على ثلاثٍ أو غير ثَلاثٍ، وأشْعَارهُم تَدُلّ على أنَّهُ القَائِم خَاصَّةً، واللهُ أعْلَمُ بصَوَابهِ.
وقد رُوي عن ابن عُمَر أنَّهُ قال لرَجُلٍ يُريدُ نَحْر ناقته: انْحَرها مَعْقُولةَ اليُسْرى أو اليُمْنَى قَائمةً على ثَلاثٍ؛ سُنَّة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو نَحْو هذا القَوْل.
وقد قُرئ:{فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عليها صَوَافن}(٣) على ما تقَدَّم من الحِكايَةِ عن ابن مَسْعُود، وصَوَافن (c)، بمَعْنَى خَالِصَةً لله عزَّ وجلَّ من الصَّفَاء والخُلُوص، فأمَّا قراءةُ الجُمْهُور الأعْمّ والسَّوَاد (d) الأَعْظَم فإنَّهُ {صَوافٍّ}، على جَمْع الصَّافَّة وهي المُصْطَفَّة، ورَسْمُ مَصَاحِف المُسْلمِيْنَ شَاهِدٌ لهذه القِرَاءةِ بالصِّحَّةِ مع اسْتِفاضَةِ النَّقْل لها في الأُمّة، وقد قال عَمْرو بن كُلْثُوم (٤) في معْنى هذه اللَّفْظَةِ: [من الوافر]
تَرَكْنَا الخَيْلَ عَاكِفَةً عليه … مُقلّدَةً أعِنَّتَها صُفُوْنَا
(a) الجريري: أناخت. (b) الجريري: في قراءة. (c) الجريري: وصوافي!. (d) الأصل: الشواذ، وهو خلاف المُراد.