فقال عِقَالٌ: لا بَلْ أتقَدَّم يا أبا لَيْلَى. قال النَّابِغَة:
يُجِيْر (a) علينا وَائِلًا في دِمَائنا (b) … كأنَّك ممَّا نالَ أشْيَاعَهَا (c) عَمِ
فقال عِقَال: بل على عَمْدٍ يا أبا ليلَى، فقال النَّابِغَة:
كُلَيْبٌ لعَمْري كان أكْثَرَ نَاصِرًا … وأيْسَرَ جُرْمًا منك ضُرِّجَ بالدَّم
رَمَى ضَرْعَ نَابٍ فاسْتَمَرَّ بطَعْنَة … كحَاشِيَةِ البُرْد اليَمَانِي المُسَهَّمِ
وما عَلَم (d) الرُّمْح الأصَمُّ كُعُوبُهُ … بثَرْوَة (e) رَهْط الأبْلَخِ (f) المُتَظَلِّم
فقال عِقَالٌ: لكنَّ اسْتَ حَاملِهِ تَعْلم، وقال يَحْيَى في حَدِيثه: لكنَّ حَامِلَهُ يَعْلَم، فغُلِّبَ عليه عِقَالٌ بهذا الكَلَام.
قال المَرْزُبانيّ (١): حَدَّثَني إبْراهيمُ بن شِهَاب، قال: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بن الحُبَابِ، عن مُحَمَّد بن سَلَّام (٢)، قال: حَدَّثَني أبو الغَرَّاف، قال: قال النَّابِغَةُ الجَعْدِيُّ: إنِّي وأَوْس بن مَغْرَاءَ لنَبْتَدر بَيْتًا ما قُلْنَاهُ بَعْدُ، لو قد قالَهُ أحَدُنا لقد غُلِّبَ على صَاحِبهِ.
قال ابنُ سَلَّام (٣): وكانا يَتَهاجَيان، ولَم يكُن أَوْسٌ إلى النَّابِغَة في قَرِيْحَةِ الشِّعْر، وكان النَّابِغَةُ فَوْقَهُ، فقال أَوْسُ بن مَغْرَاءَ: [من الطّويل]
فلَسْتُ بعَافٍ عن شَتِيْمةِ عَامِرٍ … ولا حَابسِي مَمَّا أَقُول وَعِيْدُها
تَرَى اللُّؤْمَ ما عاشُوا جَدِيدًا عليهمُ … وأبْقَى ثِيَاب اللَّابسِينَ جَدِيدُها
لعَمْرُكَ ما تبْلَى سَرَابيِلُ عَامِر … من اللُّؤْم ما دامَتْ عليها جلُودُها
فقال النَّابِغَةُ: هذا البَيْتُ الّذي كُنَّا نَبْتَدرُ! وغَلَّبَ النَّاسُ أَوْسًا على النَّابِغَة.
(a) المرزباني: تجير.
(b) الديوان: تُجير … بدمائنا.
(c) الديوان والأغاني: أشياعنا.
(d) كتب ابن العديم في الهامش: "خ: ما يشعر"، ورواية الديوان: ولا يشعر.
(e) المرزباني: بنزوة.
(f) كتب المؤلِّف في هامش الأصل: الأبلخ: المتكبر، ورواية الديوان: الأعيط.