وقال أبو عُبيدَة مَعْمَر بن المُثنَّى: كان النَّابِغَةُ الجَعْدِيّ ممَّن ذكر الجَاهِلِيَّةِ، وأنْكَر الخَمْر والسُّكْر وما يُغَيِّر العَقْلَ، وهَجَرَ الأزْلَامَ والأوْثَان، وقال في الجَاهِلِيَّةِ (١): [من المنسرح]
وكان يَذْكُر دِيْن إبْراهيم عليهِ السَّلام والحَنِيْفيَّة، ويَصُوم ويَسْتَغْفِر، ويتوقَّى أشْيَاءَ لغَوْا فيها، ووَفَدَ على رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال لهُ (٢): [من الطويل]
أتَيْتُ (a) رسُولَ الله إذ جاءَ بِالهُدَى … ويتْلُو كِتَبًا بالمحرَّم (b) نيِّرَا
وجَاهَدْتُ حتَّى ما أُحِسُّ ومنْ معي … سُهَيْلًا إذا مارَاح (c) ثُمَّتَ عَفرا (d)
أُقِيْم على التَّقْوَى وأرْضى بفِعلِهَا … وكُنْتُ من النَّارِ المَخُوفَة أزْجَرَا (e)
وحَسُنَ إسْلَامُهُ، وأنْشَدَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لا: لا يفضُضِ اللهُ فاكَ.
ورَوَى عُمَر بن شَبَّة (٣)، قال: حَدَّثَني بعضُ أصْحَابنا عن ابن دَأب، قال: لمَّا خَرَج عليّ عليه السَّلام إلى صِفِّيْن خَرَجَ معه نَابِغَةُ بني جَعْدَة، فسَاقَ بهِ يَوْمًا، فقال (٤): [من الرجز]
قد عَلِمَ المِصْرَان والعِرَاقُ … أنَّ عليًّا فَحْلُها العتَاقُ (f)
أبيضُ جَحْجَاحٌ له رِوَاقٌ … وأُمُّهُ غالَى بها الصَّدَاقُ