بقُبَّة الأَمِير أبي الفَتْح بن أبي حَصِيْنَة بمَعَرَّة النُّعْمَان، وكانت قُبَّةً عاليةً، ونام وقامَ ليَقْضِي حَاجَة وهو في سُكْره، فسَقَطَ من أعْلَى القُبَّة إلى الدَّار، فعَلِمَ بهِ الرَّئِيس نُعْمَان وأصْحَابه فبادرُوا إليهِ وحَمَلوه، وأقْسَم نُعْمَان على أصْحَابهِ أنْ لا يُعْلمُوه بما جَرَى، ووَضَعُوه على فراشه وسَكنُوه سَاعةً، ثُمَّ أرْسِلُوا خَلْفَ ستّ النَّظَر المُغَنِّية وأحْضَرُوها، فجلَسَت عند رَأسِهِ وغنَّتْ، فهَبَّ من رقْدتِهِ وجَلَسَ واسْتَطاب وَقْتَهُ، فسَألوهُ أنْ ينظِم في ذلك شيئًا فعَمل (١): [من المتقارب]
فما رَوْنقُ الدَّهْر بَاقٍ عليك … فخُذْ ما صَفَا واجْتَنِبْ ما كَدَر
قال سَعِيد: فبَقي حَمْدَان مُدَّةً لا يَعْلَم بما جَرَى، إلى أنْ خَطَر لي أنْ قلتُ لهُ: ما تقُول يا مَوْلاي فيمَن سَقَطَ من هذا المكان إلى أسْفَل؟ فقال: ما يَجْمَعُ الله به شَمْلًا، فقُلتُ: أمَا تذْكُر ليلَة أيا صَاح قداح دِيْكُ الصَّبَاح؟ فقال: ما جَرَى؟ فقَصَصْتُ عليه القِصَّة، فقال: لهذا تُؤْلمُني أعْضَائي من ذلك اليَوْم، ثُمَّ ألْقَى نفسَهُ مَرِيْضًا فبَقي على الفراش مَطْرُوحًا شهرين (c).
(a) ياقوت: الشمول. ياقوت: الزماري. (b) ياقوت: الزماري. (c) بعده في الأصل بياض قدر أربعة أسطر.